الهوية الصادقة.
بسم الله الرحمن الرحيم.
فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ.
صدق الله العلي العظيم. الحجر الآية: ٩٥.
هذه الآية توحي إلى عدة نقاط اعرض لها إن شاء الله وبلا تحفظ وكذلك بلا رجوع لأي تفسير.
١- إنها تقول للنبي عليك أن تتحرك نحو الهدف الذي أرسلت من أجله. وألا تهتم للمشركين. لأن الله معك.
تحليل.
يعني أنك يا محمد صلى الله عليه وآله. اظهر دعوتك وبقوة ولا تخشى لومة لائم لأني معك. والمرسل والداعم هو الله عز وجل. وهذا يعني لا بد من أمرين:
الأمر الأول.
لزوم قوة قلب تكفي لهذا الأمر وعدم التردد طرفة عين للقيام بهذه المهمة.
والأمر الثاني.
وجود اعتقاد جازم بالدعم الغيبي والارتباط الروحي مع القوة المخفية التي تحيط بالفرد وخصوصا بالرسول ألا وهي الذات المقدسة.
من هنا نستشف على كل رسالي أن يكون مؤمناً بقضيته وألا يتغير مع تغير الزمان والمكان. لأن هذا لا يدل على مبدأ ولا عقيدة.
نعم. يمكنه أن يغير الوسيلة التي يستخدمها في التبليغ. فمثلا إنه كان يستخدم المايكروفون للهداية. اليوم مثلا يستخدم الشبكة. أو كان يستخدم الصوت للرسالة اليوم يستخدم الكتابة. وهذا شيء بحد ذاته ممدوح ومرجوح. لأننا تعلمنا من منهج الإل هو مخاطبة الناس على قدر عقولهم والعقول تختلف من زمن إلى زمن إذا لا بد من تغيير الوسيلة إن عجزت هذه الوسيلة والواسطة بالتبليغ وبإعطاء الصورة الصحيحة للإسلام والرسالة.
ولكن هذا لا يعني أن أتمرد وانجرف وراء هذه الوسيلة التي هي للدعوة والتبليغ وأدير منهج الإسلام على مزاجي وأحرم حلال الله واحلل حرام الله؟ من أجل إرضاء فرد أو جماعة على حساب الدين والمذهب؟
فحرام محمد حرام إلى يوم القيامة. وحلاله حلال إلى يوم القيامة.
ان أجلب وسيلة أخرى للتبليغ لا يعني أن أغير الهدف والمبدأ أبدا! فتغير المقدس والشرع والثوابت يعني انحراف وكفر بالعقيدة!! وتجرى على الله! وهذا ما لا يجوز للذي يحمل عبء الأمة ومهمة الرسالة والتبليغ.
التي لا تنحصر بالرسول صلى الله عليه وآله ما زال قد خط لنا منهجاً صحيحاً.
٢- لقد صرح الله لنبيه صلى الله عليه وآله بعبارة. إنا كفيناك المستهزئين. وهذه العبارة توحي إلى أمرين كذلك:
الأمر الأول.
وهو أن الرسالة والرسول يتعرضان إلى الانتقاصه والاستهزاء كأمر طبيعي جدا في كل الدعوات فلو كان الأمر سهلا لما احتاج إلى إرسال الرسل ولجعل الناس أمة واحدة؟؟؟
الأمر الثاني.
إن الله يقول كفيناك المستهزء والمنتقص والذي يعترض عليك بلا حجة ودليل! وما عليك إلا أن تصدع ولا يهمك أن قبل بك أو لا! المهم ألا تحزن أو تغير منهج الرسالة على حسب مزاج هذا الذي يستهزئ بك.
وهنا تحليل اخر.
إن الله يقول لنبيه صلى الله عليه وآله أني كفيتك، وهذا يعني حدوث الشيء. وليس سيحدث؟!
يعني إن وعدنا تم ولا تخشى هؤلاء.
وبنفس الوقت كفيتك المستهزئ وليس الكافر؟؟؟
هنا لا بد من الوقوف عند هذا المعنى بتأمل شديد، إذ إن الله أفصح عن منهج الدعوة والرسالة ومن هو المقصود والمستهدف وما هي الغاية من التبليغ! الله يقول كفيناك المستهزئ وليس الكافر!!
يعني أن المهم هنا عند الله، هو الكافر وليس المستهزئ.
بدلالة أنه لم يقل كفيتك الكافر؟ فلو كان قد كفاه الكافر لما وجد أي مبرر للدعوة فلمن سيرسل النبي؟
وهذا يشير إلى معنى مهم جدا علينا أن نعرفه وهو إن كل شيء يرتبط بالإسلام والدين والرسالات يتعرض إلى الاستهزاء، فعلى الفرد ألا يهتم من قول هؤلاء المستهزئين، لماذا؟
لأن الهدف هو الكافر والمنحرف وعليك أن تسعى بالوصول إليه ولأن المستهزئ هو قريب للمنتقد وعليك ألا تلتفت إليه وهو أخطر من غيره لعدة وجوه:
الوجه الأول.
إنه يعطلك عن أداء مهامك ورسالتك وأنت لا تملك الوقت الكافي لإيصال رسالتك وتبليغك.
الوجه الثاني.
إنه غير مكترث من أي شيء تطرحه لأنه لا يخضع إلى المنطق والدليل، بل هو قعد إليك فقط لا على حساب البينة بل على حساب النقص في ذاته وعبثيته في الحياة ومهمته ازعاجك والتربص بك.
الوجه الثالث.
هو أن هذا المستهزئ مهما قال وأنتقد عليك ألا تتأثر بقوله وفعله لأن هذا سيقلل من اهتمامك بالدين والرسالة، وبالتالي سوف تنتهي إلى الفشل في الرسالة والحياة ومع هذا فهو لن يتفق معك فلماذا إذا تزعج بنفسك وتتذمر من فعله وقوله.
الذي أريد قوله هو على كل مبلغ ورسالي ومتدين مهما نال منه الأعداء المبغضين وأصحاب النفوس الضعيفة عليه ألا يهتم. هذا أولا.
وثانيا عليه أن يسعى لإظهار الدين بلا حياء او خجل مخافة نقد هذا أو ذاك فالإسلام بذمتنا والمذهب بذمتنا وإن إرضاء الله أهم من إرضاء فرد أو جماعة؟ وإن غنيمة الدنيا زائلة وغنيمة الآخرة باقية.
وحقيقة الدعوة التي هي إلى الله لا بد من وجود هكذا نماذج متدنية الأخلاق والضمير وأنك أنت فوق كل الشبهات لأن الله معك وناصرك.
ولا تخضع لرغبات الناس ابدا بل انظر إلى منهج الحق واعمل به حتى لو كلفك حياتك.
آسف لأني أطلت وذلك لأني تركت الغيب يتحكم بإصبعي فجاءكم هذا والله أعلم.
مركز الفكر للحوار والإصلاح
الشيخ مجيد العقابي.
٢٠١٥/٧/١٢م
0 التعليقات:
إرسال تعليق