بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين.
من هوان الدنيا أن نعيش في زمن المدعين للمرجعية والعلمية وهم يمارسون دور الإساءة المبطنة المتدرجة باتجاه تذويب بعض العقائد في نظر الناس بطريق خاص أقل ما يقال عنه إنه مشبوه.
استمعت إلى رأي أحدهم وهو (مدعي للمرجعية وقد أكثر مؤخرا من المساس في العقائد) حيث تحدث عن مسلم ابن عقيل عليه السلام وحبيب ابن مظاهر ويوم العاشر من المحرم بطريقة غير علمية ولا أدبية واضحة الاعتقاد الفاسد والجهل بحقيقة المعصوم ومن حوله.
أولا أن الإمام الحسين عليه السلام عندما أرسل سفيره مسلم ابن عقيل فهو أعلم بمن أرسل ومن يستحق تمثيله في الكوفة. وبناء على ذلك كتب عليه السلام (وإنّي باعث إليكم أخي وابن عمّي وثقتي من أهل بيتي، فإنّ كتب إليّ أنّه قد اجتمع رأي ملئكم وذوي الحجا والفضل منكم على مثل ما قدمت به رسلكم وقرأت في كتبكم، أقدم عليكم وشيكاً إن شاء الله)
ولا أعتقد أن هناك كلمة أوثق من هذه الجملة الواضحة التي تدل على حقيقة مسلم ابن عقيل عليه السلام حيث يوثق من قبل الإمام الحسين عليه السلام بهذه الطريقة الواضحة الكاشفة عن عمق شخصيته وقدرته لتحمل المسؤولية الكاملة في طريق السفارة.
وكما يقال الوكيل كالأصيل لذلك كل من يشكك في قدرة مسلم ابن عقيل فهو يشكك في قدرة الإمام الحسين عليه السلام لأنه هو من أرسل ابن عمه إلى الكوفة.
كما أن رسالة الإمام عليه السلام توضح مهمة مسلماً حيث إنه مرسل للتفحص والتأكد وليس للإدارة والقيادة فلذلك أرى من المبالغة أن يطالب مسلم بغير الهدف المكتوب بالرسالة ألا وهو تأكيد رسائل أهل الكوفة، لكن الرجل فعل أكثر من هذا وجمع المال والسلاح لولا الخيانة!
وعندما أرسل رسالة إلى أمامه (أَمّا بعد، فإن الرائد لا يكذب أهله، وقد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشَر ألفاً، فعجّل حين يأتيك كتابي، فإنّ الناس كلَّهُم معك، ليس لهم في آل معاوية رأي ولا هَوَى) هو لم يستعجل بالرأي ولم يخدع في أول الأمر فعدد الذين بايعوا كان كبيرا وأكثر من المتوقع وهكذا كتب لإمامه بالقدوم.
نقطة أخرى إذا تم خداع مسلم كما ذكر المدعي من قبل أهل الكوفة فهذا لا يعني أنه أخفق في مهمته لأن أهل البيت لا يستخدمون المكر والخداع ومسلم من هذا البيت الطاهر الذي تربى على القيم وشرف الخصومة وكما ذكر عمه أسد الله وأسد رسوله حينما قال (والله ما معاوية بأدهى مني ولكنه يغدر ويفجر ولولا كراهية الغدر كنت من أدهى الناس ولكن كل غدره فجرة وكل فجرة كفرة ولكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة والله ما استغفل بالمكيدة ولا استغمز بالشديدة).
ثانيا أن حبيب ابن مظاهر التحق واستشهد مع سيد الشهداء فكيف يمكن أن يوصف بالخذلان والقاتل للإمام الحسين عليه السلام؟ وهو شيخ الأنصار وشهيدهم؟
بأي منطق يتكلم هذا المدعي أو ليست الأمور بخواتيمها فإن تنزلنا (وهذا غير موجود) وقلنا إن حبيب ابن مظاهر التحق بإمامه لاحقا طيب ألم يستشهد مع إمامة الحسين عليه السلام في العاشر من المحرم؟ بل ألم يرتكز هو ومن معه للبروز قبل بروز أهل البيت؟ أيوجد ولاء أكبر من هذا وهو يرى قلتهم وأمامه العدو المغطي للصحراء بكثرته وعدته؟ ثم إذا كان القياس هكذا فإذا لا قيمة لا للحر ولا لزهير ولا لأي فرد التحق في وقت لاحق في الركب الحسيني واستشهد مع الإمام عليه السلام؟ لأنهم لم يشاركوا في نصرة الإمام من بداية التحرك؟
كما أن فعل الإمام من إلقاء الحجج يصبح فارغا ولا معنى له لأنه وبحسب رأي المدعي المقلل من شأن أنصار الإمام يصبح التصور توجه الإمام لأعدائه ومواجهتهم بالحجج تصرف غير صحيح؟ لانسداد باب التوبة والاصطفاف مع الإمام عليه السلام. فهل يمكن قبول راي المدعي الضارب لمنظومة الدينية المعارض لتاريخ الإسلام الحافل بالمستبصرين والمؤمنين وغيرهم قبال عمل وقول المعصوم الذي شهد لأنصاره بأروع الكلمات واراهم منازلهم وعظمهم من فيما بعد باقي الأئمة عليهم السلام.
أما ما حصل من سليمان ابن صرد الخزاعي فلي وجهة نظر حول تحركه ولكن لا يمكن وصف ما حصل في عين الوردة بالانتحار أبدا.
ذلك لأن باب التوبة مفتوح وما زال الإنسان في الدنيا فيمكنه أن يتوب بأي لحظة قبل وفاته، وسليمان اجتهد فأخطأ ثم تاب هو ومن معه وخرجوا للتكفير عن ذنبهم وما حصل منهم مع مسلم ابن عقيل عليه السلام واعتقد والله العالم حتى مسألة إصرارهم على الشهادة فقط دون التفكير في استراتيجية أخرى مثل ما فعل المختار ابن يوسف الثقفي، فهي مسألة صحيحة جدا معبرة عن توبة نصوحة ومستنبطة من النص القرآني بسم الله الرحمن الرحيم (فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلك خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم) فمن هذه الناحية أجد أن سليمان مع ما لدي من رأي حول تحركه فهو لم ينتحر بل سلك طريق التوبة الصحيح لأن الذنب في عدم نصرة الإمام وما حصل في كربلاء لا يقاس بأي ذنب آخر فتاب هو ومن معه لتخلفهم عن كربلاء وجاهدوا في الله واستشهدوا في سبيله فكان القصد من مقصدهم التوبة.
ثالثا وأما مسألة المعركة التي انتهت في الساعة العاشرة من يوم العاشر من المحرم وهي لم تتجاوز الساعة العاشرة صباحا فهذه تفند بأبجديات العاشر وحادثة الصلاة (صلاة الظهر) التي صلاها سيد الشهداء عليه السلام، كما أن بعض أصحابه سقطوا شهداء في هذه الساعة فكيف يمكن للمدعي أن يلغي هذا الحدث الثابت بالتاريخ بأن هناك مبارزات ونهاراً تم فيه الاقتتال حتى وصولهم إلى سلب الخيام؟
والله العجب كل العجب أن يتم السكوت على هكذا أفعال من أشخاص ظهروا فجأة وهم يسيئون للحوزة الشريفة من دون التصدي لهم بدحض آرائهم والتوجه لأناس علماء لهم تاريخ كبير لمجرد الاختلاف معهم في بعض الآراء؟ فأين نحن من هذه الاعتداءات على العقيدة أي قسمة هذه لا أدري.
https://t.me/iljnaan
السلام على سفير الحسين
وعلى أنصار الحسين
وعلى أشياع الحسين
مركز الفكر للحوار والإصلاح
الشيخ مجيد العقابي
٢٠٢٢/٤/٢٦
0 التعليقات:
إرسال تعليق