حسن عطوان.
⏺ أما الجواب عن السؤال الرابع :
[ وهو أنه متى يكون الحديث عن الآخرين عملاً جائزاً شرعاً ؟ ؟
وهل يختلف الحكم فيما لوكان الآخر متصدياً للواقع العام ؟؟
وفي أية حدود ؟؟ ] :
فهناك حالات كثيرة يكون الآخر شخصية عامة ، وتوضيح الموقف منه إيجاباً أو سلباً يُشَكّل ضرورة لحفظ مصالح الأمة ؛ لإن السكوت عن مثل هذا التوضيح ربما يضر كثيراً بتلك المصالح .
فما هو الموقف الصحيح ازاء هذه الحالات ؟؟
هل ندعو المؤمنين الى عدم الخوض في ذلك ؟؟
أم يجوز لهم التحدث عن مثل هذه الشخصيات ؟؟
وإن كان ذلك جائزاً فبأية حدود ؟؟
◀️ والجواب عن ذلك بإيجاز يقتضيه المقام ، حاصله :
أنه لاشك في جواز الحديث عن عمل هذا المتصدي وتقويمه إيجاباً وسلباً ،
ولكن بشروط ، منها :
1️⃣. أنْ يكون الحديث بحدود أعماله المرتبطة بالواقع العام ، ويدور مدارها ، ومايرتبط بتوضيحها ، ولايصح أن نتناول سلوكه خارج هذا الإطار ، ولايصح أن نتعدى عن ذلك لتناوله كشخص أو كعائلة .
2️⃣. ألا يكون حديثاً تعميمياً ، لايُفَرّق فيه بين الصالح والمفسد ، بين مَن يستهدف الخير وقد يُخطِئ وبين من لايستهدفه أصلاً .
فعن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أنه قال : ( لايكونَنَّ المحسن والمسئ عندك بمنزلة سواء ؛ فإنَّ ذلك تزهيدا لأهل الإحسان بالإحسان وتشجيعاً لأهل الإساءة على الإساءة ) .
3️⃣. أن يكون الناقد مُطَّلعاً وعارفاً جزماً بما يتكلم عنه ، وليس معتمداً في ذلك على مجرد نقل أو ظنون ؛ وإلا دخل ذلك في باب البهتان والإفتراء أعاذنا الله .
◀️ جاء في الحديث عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) :
( من بهت مؤمناً إنماث الإيمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء ) .
4️⃣. أن يكون الهدف من الحديث والنقد هو الإصلاح والبناء ، وليس لمجرد تسقيط شخص أو جهة لصالح شخص آخر أو جهة أخرى .
وأود أن أذكّر أن الخيط هنا رفيع جداً بين النيتين .
5️⃣. ألا يكون الحديث لمجرد الإجترار أو التشفي ، بل لابد أنْ يكون لأجل توضيح حال وحقيقة هذا المتصدي لمن هو مخدوع به أو قد يخدع به إن وُجِد بحسب الفرض .
6️⃣. ألايكون ذلك بإسلوب يستبطن الإهانة والإنتقاص .
◀️ وإلا فبدون هذه الشروط ،
كما في توجيه الإتهامات لمجرد الظنون ،
وكما في تسقيط شخص أو جهة لمجرد الإرتباط بشخص آخر أو الإنتماء لجهة أخرى ،
وكما في الأحاديث الإجترارية التي لايقصد منها الإصلاح ولاتستهدف التوضيح ،
وكما في تناول شخص المتصدي أو عائلته والإنتقاص منه بإسلوب يستبطن الإهانة والإستصغار .
فهذا كله محرم .
◀️ ودعوى أنّه نقد لاتعدو كونها من تسويلات الشيطان أعاذنا الله سبحانه من تسويلاته .
⏺ وماهو حاصل هذه الأيام في وسائل الإعلام وصفحات التواصل الإجتماعي وأحاديث المجالس _ في كثير منه _ لايمت للشرع بصلة .
وإنْ صدر من أناس مصطبغين بصبغة التدين مع شديد الأسف !!
وكل هؤلاء يتحملون وزر كلامهم وما يؤدي اليه من آثار مدمرة في بنية المجتمع وسلامته .
يقول جل وعلا : ( مايلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) .
تماماً كما يتحمل بعض المتصدين وزر سلوكياتهم وخيانتهم للأمانة التي أدت الى شيوع سوء الظن بين أوساط المجتمع .
هذا ماسمحت به الفرصة .
وأعتذر لجميع الأحبة فإنما كنت أفكر بصوت مسموع موصياً لنفسي أولاً .
0 التعليقات:
إرسال تعليق