بسم الله الرحمن الرحيم
#رصد_عقابي (١٤) كأس العالم 2022
انتظرت كثيرا لأكتب عن كأس العالم الذي أجمع العالم على نجاحه.
وتابعت بعض القضايا المهمة من خلال النشر العام وكانت عبارة عن لقطات اكتسابية توزعت على مواقع إلكترونية وطرق متعددة طوال مدة كأس العالم.
وبرغم أنني لست كرويا ولكنني أحب اللقطات الجميلة التي تظهر أمامي عادة، وأشاهدها مستطرقا غير قاصد لها ومع ذلك احترم القدرات التي أشاهدها وأفكر فيما خلق الله من قدرة أوجدها في هذا الإنسان الذي يستخدم عقله للتواصل مع مجموعة متحركة حتى يبلغ غايته ويسجل الهدف.
لقد تعودتم أن تقرأوا رصد عقابي بالطريقة التأسيسية التي أسست لها وبشهادة الكثير كانت فريدة من نوعها؛ لأنني أطرح المشكلة أولا ثم أضع الحلول لها ثانيا وفي الغالب فإن الذين يتحدثون عن المشاكل لا يضعون الحلول لها مما يجعلهم سفسطائين أو منتقدين لا ناقدين!
ولكن في هذا الرصد لن أضع الحلول كما عهدتمونا بل سأرصد فقط لأنه انطباع عن حدث عالمي غير محلي وليست هناك مشكلة حتى أفكر في كيفية إيجاد الحلول لها. كما أنه حدث ناجح غير فاشل فلماذا أحاول أن أقلب الحقيقة فاكتب ضد هذا المنجز الكبير؟!! كما يفعل المازومون دائما فهم لا يجيدون فن الشكر والتشجيع أبدا. إنما حياتهم قائمة على العداء والتنكيل.
المهم.
كان كأس العالم حكرا على الدول الأوربية سابقا وكأنه وجد لهم حصرا فلا ينظم في منطقة عربية ولا يشارك فيه فريق عربي ولا غيرها من الموارد البشرية المشتركة بين المعسكرين ( بوصف العالم عبارة عن معسكر شرقي وغربي).
وكانت عيون العرب ترصده من بعيد ؟ حتى جاءت الفرصة وجاء كأس العالم الى قطر العربية فتحول المؤسس الى ضيف وشدت قطر عيون العالم الى العرب والشرق بشغف،
لقد نجحت قطر من إتمام مهمة كأس العالم بامتياز
ولم يحصل أي خرق لأي شيء في البلاد!!!وهذا بحد ذاته إنجاز كبير فكيف لدولة صغيرة المساحة والسكان وهي تحتوي العالم كله بتنوعه بامزجته بمليارات الفوارق الفكرية والدينية؟؟!! .
ومع أن الحدث كبير والثقافات متنوعة والعالم كله حضر في قطر من القارات كلهن قاطعا للمسافات حاملا معه إرثه الحضاري والثقافي ولكن مع ذلك كله كانت قطر سيدة الموقف وصاحبة القرار.
استطاعات قطر أن تقنن من الحريات مع عدم المساس بها عندما منعت الخمور في الملاعب واستطاعت قطر أن تنقل صورة عن الإسلام الأصيل عندما سمحت للجميع أن يرتدي ما يشاء ويمثل ثقافة بلده ، واستطاعت قطر أن تثبت للعالم معنى العروبة حينما احترمت الزي العربي في المنطقة ولم تتنكر لعروبتها بخلع لباس المجتمع العربي واستبداله بموضة الغرب تماشيا مع الحدث ومجاملة للدول الغربية، واستطاعات قطر أن تفرض احترامها حينما منعت الترويج للمثلين وأبعدت كل ممارسة سياسية عن المشهد الكروي،واستطاعات قطر أن تثبت هويتها حينما لم تفرض ثقافة الاحتكار حيث أشركت العرب والمسلمين بهذا المنجز الكبير.
كل الدول العربية لديها موارد بشرية ومالية ولكن الذكاء والعبقرية والإبداع لمن يوظف هذه الأموال مثل ما فعلت ذلك قطر.
إن وجود كأس العالم الذي لا يختلف عليه اثنان هو نقطة ضوء في المنطقة لإعادة التعايش بين أبناء البشر فلو كان الحدث دينياً أو سياسياً أو أي شيء آخر لما استطاع أن يجمع هذا الكم الهائل من الناس؟! إذا علينا أن نفكر في ما يجمع الناس ولا يفرقهم ونناقش من لم يجتمع عليه الناس وقد فرقهم ؟!
الدين. ثم السياسة.
الدين علاقة روحية بين العبد وربه وعلاقة اجتماعية بين الإنسان وأخيه الآخر. يركز هذا الدين على القيم والمبادئ فجاء أناس ادعوا أن مفاتيح الجنة والنار بأيديهم فتم تنويم المجتمع مغناطيسيا لمدة من الزمن وعندما أفاق من نومته اكتشف أن هذه الشخوص هي غير الدين الذي يدعو الى الخير والمحبة والتسامح ؟! فتراجع منسوب الرغبة والالتزام! بسبب من قرأ المقدس لا بسبب المقدس؟
ما علينا فعله لإعادة الناس الى الله هو أن نتركهم هم وربهم ونعيش معهم العلاقة مع الله كعباد لا كمراقبين؟!
بتعبير أبسط لا أقصد أن نطلق عنان الحرية لهم مع جهل بعضهم بالوجود وواجب الوجود! إنما علينا أن نوظف لهم الدين بما ينسجم مع فطرتهم وهذا التوظيف أصله قراني تم الالتفاف عليه من قبل بعض مدعي صكوك الغفران.يدرس الطالب ويجتهد ويتخرج وينتهي دور الأستاذ المشرف عليه! ويكبر الولد ويخرج من داره ويتزوج ويقل دور والده التوجيهي عليه! ويدخل الفرد العسكرية ويتسرح وينتهي سياق العسكرية عليه! إذا المطلوب من رجالات الدين أن يعلموا الناس ويفهمونهم، لا أن يقيدوهم ويلصقونهم بهم! ربما أن هذه الفكرة صعبة جدا وأول من سيقلب معناها هو المستفيد من الصورة الكنسية القديمة المتمظهرة بزي ديني إسلامي جديد مع الأسف ، ولكن رجال الدين الأصلاء والأنقياء ومن لديهم هم لله لا لأجل أنفسهم ولا يريدون استعباد الناس وانصياعهم لهم سيفرحون جدا بما كتبت ،ذلك لأنهم يعيشون هذا الهوس معي وأغلبهم ممن قرأ الساحة جيدا وعلم أن المطلوب من رجل الدين هو التوضيح وليس التقييد.
إذا فهمنا دورنا ومحدداته سننجح في إعادة المجتمع الى الفهم الصحيح لدينه ومعتقداته كما نحتاج الى قليلاً من الإيثار لنبرز للمتلقي معنى الأسوة حتى بتأثر ولا نهرول خلف الدنيا وملذاتها ونبتعد عن المناصب صغيرها وكبيرها.( وطبعا هذا الموضوع يحتاج إلى مقال مفصل ).
الجانب الآخر وهي السياسة؛ وهنا لا يوجد أي حاجز أو توقف في وصف الدور السلبي الذي لعبته يد السياسة وما زالت تلعبه وعلى رأس هذا الدور هو جانب الفساد الفاحش واستخدام المال العام استخداماً خاطئاً في ظل كثرة الفقر وقلة العمل ( وقد رصدت ذلك في المقالات الموجهة للوزارات فراجع) والجانب الثاني هو الخطاب الطائفي والاقصائي والتنكيلي بالشركاء أيا كانوا فلقد زرع الساسة ( بعضهم حتى نتخلص من لغة التعميم وإن كانت النسبة الغالبة ) في المجتمعات الجانب الطائفي والعنصري والفئوي حتى صار الفرد يتحدث عن الانتماء الحزبي والديني أكثر من الوطني!!!! .
عموما إننا نحتاج الى أن نفكر في كرة القدم ملياً؛ إذا تجمع الناس مع بساطتها المتشكلة من مجموعة
لاعبون يشدون الكرة الأرضية إليهم ولا ينشد المجتمع لغيرهم!!! بالمستوى نفسه الذي ينشد به لهم، طبعا لو قلت لي كلامك غير صحيح وأنه استقراء ناقص أؤكد لك أنك ستجانب الواقع ولو قلت لي : هناك مؤمنون يؤدون عباداتهم وزياراتهم أقول لك نعم ولكنهم أقل القليل فضلا عن آثار أعمالهم في حياتهم.
بالنتيجة نحتاج أن نفكر جيدا في هذا الانسداد وطبعا لا تفكر في إكثار الملاعب لا أبدا هذا ليس بحل ؛ الحل أن تفكر في شيء آخر، لأنك هنا أن بنيت الملاعب أعطيتهم
رغبتهم الحالية ونحن نريد أن نفكر في الموضوع لا أن نلوث فطرتهم أكثر ! ففكر في ذلك.
بالنهاية شكرا لقطر التي حافظت على التوازن وما لفت انتباهي شخصيا هو عدم وجود أي مشاكل أو تسريبات قبل بداية كأس العالم إنما تم الافتتاح في الوقت المحدد مباشرة فاطلعنا على الأعمال وليس كما يحصل في بلدنا إذ ندخل جو المشاحنات قبل أي شيء لمجرد التطفل من بعض الناس غير المتخصصين وكذلك المازومين الذين ينشرون كل شيء على الحبال من دون التفكير في سمعة بلدهم ومجتمعهم.
الشيخ مجيد العقابي
٢٠٢٢/١٢/٢٠
مركز الفكر للحوار والإصلاح.
0 التعليقات:
إرسال تعليق