بسم الله الرحمن الرحيم
#رصد_عقابي. ١٣ ( وزارة الثقافة).
الثقافة عنوان عاكس لصورة مجتمعية ذات نمط معين. وهذا تعريفي الشخصي لها. لأن الثقافة هي عبارة عن اتصال بين القيم والسلوك تتشكل في أبعاد الشخصية المتحركة وتتغير وفقا للانفتاح على الآخرين وعادة ما تلوث من خلال استدعاء ثقافة خارجية كمحاولة لإجبار المجتمع على تقبلها. لذلك تشحن الأجواء وتتضارب الآراء بين قابل ورافض لهذه الثقافة الخارجية باعتبارها ثقافة دخيلة لا تنتمي لهذا الشعب. لذلك لا أرى معيارا ثابتا في تقعيد مفهوم الثقافة إلا داخليا يخص البلد المحدد فقط ومن غير المنطق تعميم التعريف على العالم كله لأن الثقافات مختلفة تماما عن بعضها. فمثلا من ثقافة العرب ركوب الخيل والصيد والتخييم وإكرام الضيف وتعدد النساء واستخدام السلاح! ومن ثقافة الغرب التفسخ الأسري والخمور المعلنة والبوي فريند وحرية التفكير وعدم التدخل في شؤون الآخرين وهكذا.
لذلك الثقافة إظهار هوية المجتمع وإبرازه للعالم ويبقى العالم مخيراً أن يتبع ثقافتك أم لا لكن المهم والأساس هو إظهار ثقافتك أنت المتشكلة من بيئتك ومجتمعك لا أن تستورد ثقافة خارجية وتعمل بها كأنها معيار أو هوية؟!!
حديثا أصبحت الأمور متيسرة لنقلها للعالم عبر التكنلوجية والتطور الواضح في وسائل التواصل ما بين أبناء البشر وأصبحت الثقافات الاجتماعية تصدر أو تبرز عبر وسائل وقنوات حكومية أهمها وزارة الثقافة أو وزارة الثقافة والآثار أو وزارة الثقافة والإعلام حسب الدولة ومساحة الخيرات فيها.
وزارة الثقافة العراقية وخصوصا من بعد ٢٠٠٣ الى الآن ما زالت متلقفة لثقافة الخارج أكثر من غيرها من المؤسسات الحكومية! وهذا أمر غريب وعجيب أن تعيش هذه الوزارة حالة الاستغراب في بلد الحضارات والتاريخ العريق؟! فهل هي تجهل قيمة التاريخ العراقي وحضارته؟ أم أنها تقاد من قبل شخصيات غير مدركة لأهمية الهوية الداخلية وكيفية تصدريها للعالم بوصفها أول حضارة علمت الإنسان؟
على المستوى الشخصي لم أشهد من أعمال الثقافة إلا الغناء والحفلات والرسم ! طيب هل يختزل العراق العظيم بهذه المساحة الضيقة فقط؟!
ثم كيف لوزارة تدار من أموال الشعب أن تعمل على إقصاء الأغلبية منه؟ عندما تتجاهل ثقافات المجتمع المتنوعة وتهتم باتجاه فقط؟ هل الشعب العراقي عبارة عن حفلات أو مهرجانات للرسم أو للفن والموسيقى فقط!
أوليس الدين واللغة والأعراف والتنوع والثقافات كل حسب محافظته حتى في فن الطبخ هو ثقافة تتشكل منها هوية العراق أم ماذا؟!
كم هو منتوج الوزارة للمطبوعات سنويا وكم من كاتب تم طبع كتابه من خلال الوزارة ؟وما هي الإحصائيات للمطبوعات السنوية في العراق قياسا لما يصدر من الدول على الأقل المجاورة لنا؟ وهل عقدت مؤتمرات تخص التنوع العراقي والوحدة بمستوى ما يبذل لاستضافة مهرجان غنائي أو غيره؟ هل استطاعات الوزارة أن تعمل على إعادة المواطنة الصالحة وخلق الانتماء للوطن في بعض المحافظات المنهوبة بعد حرب داعش الذي أحرق الحرث والنسل ؟ هل استطاعت أن تدمج من عانى من بطش الإرهاب وتعيده للمجتمع كفرد فاعل مجدد؟!
أول رصد من باقي البحوث والمقالات استخدمت فيه هذا الكم الهائل من الاستفهامات وهناك الكثير لكنني اكتفي هكذا لأنني أكتب من الواقع ولا دخل لي بأحد إلا العراق.
أين الثقافة من البرامج والمسلسلات وصناعة الجيل السليم المسالم ؟ أين الثقافة من الأماكن المهمة التي تحتاج الى رعاية وإحياء وتوثيق في ذاكرة الأجيال الناشئة؟ أين الثقافة من إحياء الحضارة في ضخ روح التبادل الجوهري كأصل تم تدميره في البنية التحتية للإنسان العراق بسبب الحروب والحكم إلا رشيد؟!
https://www.m-alfikr.org/2022/12/blog-post.html
الحلول.
١- استحداث لجنة استشارية عالية المستوى ذات خلفية ثقافية متزنة غير مأزومة أو متأثرة بفكر خاص أو أدلجة تعي مسؤولية الإرث العراقي وكيفية تفعيل دور الإعلام الناجح من خلال البرامج المتنوعة ذات الأبعاد الوطنية والأصيلة والقيمية مع احترام التنوع في العراق تكون هذه اللجنة من خارج الوزارة ولكن من عدة جامعات أو مؤسسات مهتمة في الشأن الثقافي مهمتها رفع التوصيات والرصد ثم تضع برنامجاً لخمس سنوات قادمة ( لأنني أرى أن تعريف الجيل تغير كذلك بسبب التطور التكنلوجي ولا أذهب الى ما ذهب له ابن خلدون ) وتسلم للوزارة للعمل عليه ( ونحن بدورنا جاهزون لأي عمل للوطن).
٢- إحياء المناطق الثقافية والاجتماعية والأثرية بوضع خطة للسفرات التعبوية تستخدف الشباب أولا مع كشافة متنوعة وتخييم بين المحافظات العراقية كافة لتلاقح الرؤى والثقافات وعدم البقاء على مناطق محددة فقط بل لا بد من السياحة الى آخر نقطة في البلاد.
٣- تشجيع المثقفين للكتابة والإنتاج الفني بشتى أنواعه للاستفادة من الحداثة في تطويع الماضي. والعمل على المهرجانات الدولية الحقيقية وليس الاستعراضية فقط.
٤- طرح الدين كاساس في المجتمع العراقي وعدم إخفائه وإبعاده عن الدراما والبرامج وكأنه عمل مستقبح على العكس تماما فاختزال ثقافة المجتمع العراقي على الغناء والحفلات والندوات النقدية من أكبر الجرائم في حق هذا الشعب. هذا لا يعني أننا نعمل على إقصاء الآخرين كما يفعلون ضد الدين بل إنما العمل على التوازن في كل الأمور وعلى أقل التقادير احترام المناسبات الدينية وعلى رأسها شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن وقد تحدثت عنه في رصد هيئة الاتصالات. فليس من الصحيح أن يتم استبدال ثقافة الصوم بثقافة الفساد في شهر الله هذه مصر التي يكثر فيها الرقص والغناء وهي مركز الدراما والإنتاجي الفني في الوطن العربي إلا أنها في شهر رمضان تحترم الجانب الديني وتقدم المسلسلات الهادفة ويظهر فيها الفنان وهو يصلي أو يصوم أو تجتمع العائلة عند الإفطار هذه سوريا تعمل على نشر ثقافتها من خلال المسلسلات كذلك فلقد شاهدت بعض حلقات باب الحارة فوجدته كتاباً أخلاقياً ترجمة عباراته بأدوار الفنانين لا يوجد فيه خدش واحد للحياء بل تعليم الدين والصدق والآداب والأخلاق هذه الدراما الإيرانية التي أخضعت المنطقة وأجبرتها أن تشاهد مسلسلاتها الدينية وتبث حتى في الدول المختلفة معها سياسيا وما مسلسل المختار ويوسف ومريم وغيرها إلا أنموذجا للفن والثقافة الحقيقة الكاشفة عن أصالة البلد أما فلم بتوقيت الشام فهذا وحده قصة رغم أننا في انتصاراتنا توجد مادة حقيقة ومع ذلك لم يستفد منها الى الآن.
٥- تضمين كراس ثقافي يتحدث عن جميع الطوائف والقوميات والآثار والأماكن السياحية والثقافات المتنوعة في العراق الى المناهج الدراسية ككتاب مستقل لا يدرس بل يعطى الى الطالب مع بقية الكتب ويكون بشكل جميل وملون يرغب القاري فيه شبيهاً بالمجلة. ويؤخذ بنظر الاعتبار الفئات العمرية الثلاثة فيمكن أن يكون الكتاب بثلاث نسخ فقط ،الأولى للابتدائية بأجمعها ،الثاني للمتوسة ،والثالث للإعدادية.
الأول يكون فقط بالصور والعناوين العامة للمحافظات والثقافات بعيدا عن الدين. الثاني يكون عن الديانات في العراق والثالث يكون تفصيلياً عن الحضارات العراقية باعتبار أن المصطلحات والرموز الحضارية أصعب من غيرها فتحتاج الى فئة متقدمة في الدراسة مثل الإعدادية.
٦- العمل على تفعيل الذاكرة بإحياء بطولات الجيش العراقي والحشد الشعبي وكل فرسان العراق من مقاتلين وداعمين وتوثيقها إذاعيا وتلفزوينا وعدم نسيان النصر على د ١١ عش فالعالم كله يحيي ذكرى انتصاراته وبطولات أبنائه من خلال توثيق حياتهم أو إنتاج أفلام أو برامج عنهم ولا أدري لماذا هذا الضعف باتجاه الدفاع المقدس مع أن الإعلام والتثقيف كان الدور الأبرز ما قبل ٢٠٠٣ بإبقاء قائد الضرورة فارس الأمة مع كل ظلمه؟ طيب لماذا هذا البخس لقواتنا ومجاهدينا وعدم الاهتمام بهذا الجانب. وأرجوكم لا تعودوا لنفس الأسلوب وهو إقامة حفل وغناء وكأنه الثقافة لا يوجد فيها إلا الغناء واستدعاء المطربين من الخارج لخلق توتر في المجتمع مثل ما حصل في بعض الحفلات ياليتها فيها شيء من الثقافة من سمفونيات أو فن صحيح إنما هي عري وإفساد للذائقة الشعبية.
الدين حياة والثقافة حياة واستبدالهما بالركود أو الصخب غير صحيح نحتاج الى همة في التقدم ولا أقول الرجوع لتاريخنا. دعونا ننتج أفضل مما كان فالرجال والنساء لم يختلفوا عن الأجيال السابقة بالهيكل إنما اختلفوا بالعقل والروح وتسمموا بالثقافات الدخيلة وغير المنضبطة.
لم أود أن أطرح حلولا أكثر مع أنني كتبت عشر نقاط هذه المرة ليس مثل كل رصد لأني أجد أن وزارة الثقافة مسؤولة عني وعن عائلتي وشعبي ووطني وهي التي تجعلني مهاباً بنظر العالم ومحترم فأرجو ممن أعرفهم وممن لا أعرفهم في الوزارة أن يعوا المسؤولية وأكرر نحن بخدمتكم والله من وراء القصد.
انتظرونا في الرصد القادم بإذن الله
الشيخ مجيد العقابي
رئيس مركز الفكر للحوار والإصلاح
٢٠٢٢/١٢/٣
الرجاء الاشتراك في القناة
https://t.me/iljnaan
0 التعليقات:
إرسال تعليق