إضحك يا شعب! ..
د.جهاد العكيلي
مؤلفات الكاتب الروسي مكسيم غوركي لها نكهة من نوع خاص في سرد الأحداث التي دوَّن لها وشخصها بدقة وموضوعية متناهية، ولطالما كان غوركي هذا يضع الكثير من التساؤلات الغريبة وهو يدوَّن تلك الاحداث، ما يجبر القارئ على التواصل مع مؤلفاته، ومنها مؤلفاته الادبية في الرواية والنقد التي تعبر عن الواقع السياسي والاقتصادي في المجتمع الروسي وفقا لنظريته الواقعية ..
ولعل ما يمر به العراق من ظروف متداخلة ومتشابكة بفعل الواقع السياسي والفوضى الاقتصادية اللتان تعمان البلاد، واللتين تسببتا بهدر المال العام، تحتاج منا ان نخضع هذا الواقع المزري على وفق واقعية غوركي في الوصف والتحليل، فالمؤلف غوركي هذا حين عبر عن رفضه للوضع الاجتماعي لبلاده بإسلوب النقد الساخر، ومنه قوله : (مأساتي هي ضحكاتي) ..
وفي واقع الحال فإن مأساتنا ما هي إلا هي ضحكاتنا، طبقا لما جرى ويجري عليه واقع الحال في العراق، وما يعانيه اهل العراق من معاناة كبيرة بسبب الفساد المستشري الذي ضربت اطنابه في عموم مفاصل الدولة، كبيرها وصغيرها، على حساب غياب سياسة التخطيط وفن الادارة الناجعة، حتى صار حال العراقي كحال الذي يضحك وهو يبكي في آن واحد، عما يشاهده اليوم ويسمعه من ظواهر غريبة ومواقف محيرة للعقول، ولا يجد تفسيرا منطقيا لها فيتوقف عقله ومن ثم لسانه ويصبح النطق بالحق صعبا، فحينما تسمع من أكبر مؤسسة في الدولة العراقية وأهمها ماليا وإقتصاديا وهي البنك المركزي العراقي عازم على اصدار عملات معقمة ضد الفايروسات، ومنها فايروس كورونا، بإضافة مبيد بيولوجيي، المطور من قبل احدى الشركات العالمية المتخصصة بطباعة الأوراق النقدية، فيتملكك على الفور الضحك والبكاء، والادهى من ذلك ان البنك المركزي يصف عزمه هذا بأنه سيعتمد على خبرات دولية في هذا المجال! ..
ان مثل هكذا عزم، او لنقل حدث، سوف يدخلنا في (موسوعة صدق أو لا تصدق ما يحصل في العراق)، ولا أدري، لا أنا ولا المواطن، كيف يفكر القائمين على البنك المركزي، وهو ينتج لنا مسرحية للضحك على عقول الناس!.. ولا أدري ان كان البنك المركزي سيعيد تعقيم النقد العراقي او الدولاري بعد عملية كل تداول بين المواطنين!..
سادتي في البنك المركزي، اظن انكم معنيون الى جانب الجهات الاخرى التي تتصدى للمسؤولية، بأن مستشفيات بلدنا مجردة من المقومات الصحية طبقا لما يراه المواطن وما تراه منظمة الصحة العالمية في الوقت الذي تسعون لإصدار نقود معقمة ضد البكتريا .. أليست هذه مأساة تبعث على الضحك والبكاء في آن واحد، ثم او ليس من الاجدر بكم في ان تشحذوا الهمم لتوريد اللقاح الحقيقي لهذا الشعب وتخليصه من وباء كورونا اللعين، ومن اوبئة اخرى ومنها اوبئة سراق المال العام التي دمرت مستقبل الشعب .. ما الذي تبقى لك يا شعب، غير ان تضحك هذه المرة على نقود الدولة المعقمة! ..
0 التعليقات:
إرسال تعليق