04:54:06صباحا

اخبار المركز

الأربعاء، 31 مارس 2021

حسن عطوان

/ نقد وتقويم الآخر ، نظرة في المشروعية والإسلوب / 
[ الحلقة الثانية ] ( 2 _ 3 )

⏺ أما بالنسبة للسؤال الثاني : 
 [ وهو أنه هل يحق للإنسان أنْ يواجه الآخر بعيوبه وزلاته وفي أية حالة من الحالات ؟؟ ] 

فالجواب هنا يختلف بحسب إختلاف الدوافع التي تدفع الإنسان الى هذه المواجهة .

◀️ فقد يكون الدافع هو النصح والتوجيه والإرشاد من أجل أنْ يصحح هذا الإنسان مسيرته وأخطاءه .

◀️ وقد يكون الدافع هو التعيير والتشويه والإنتقاص والإهانة . 

ففي الحالة الاولى : 
نجد انَّ الإسلام يشجع المؤمن بل قد يوجب عليه نصيحة الآخر سراً ليأخذ بيده نحو الخير والصلاح ، بل اعتبرت الشريعة ذلك حقاً للمؤمن على المؤمن .
فالأحاديث الشريفة جعلت أنَّ ( من حق المؤمن على المؤمن أن يديم نصيحته ) ، 
بل أعتبرت مضامين عديدة من الروايات أنَّ ( المؤمن مرآة المؤمن ودليله وعينه التي يبصر بها ) . 
فكما أنَّ مهمة المرآة كشف العيوب الظاهرية لشكل الانسان ليصلحها دون أن تترك أثراً سيئاً ، فكذلك المؤمن هو مرآة أخيه ينصحه بالسر وينبهه على أخطاءه السلوكية ليخرج للعلن وهو بأفضل مضمون ، 
وهو عينه التي تدله على الطريق السليم .
بل نجد أن الإسلام يدعو الإنسان الذي وُجٍهت له النصيحة بأن يبادل الناصح الإمتنان .

ففي الحديث الشريف : 
( رحم الله من أهدى إليّ عيوبي ) .
ورحم الله ذلك الشاعر الذي قال : 
" أنت عيني وليس من حق عيني غض أجفانها على الأقذاء " . 

◀️ أما الحالة الثانية : 
وهي الحالة التي يوجّه فيها إنسانٌ نقداً لآخر بقصد التحقير والإنتقاص ،
فإن الإسلام يرفض ذلك رفضاً قاطعاً .
ومرت الإشارة الى ذلك في الحديث المتقدم عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) .

◀️ بل جاء في حديث : ( من عيّر مؤمناً بذنب لم يمت حتى يرتكبه ) . 

⏺ أما بالنسبة للسؤال الثالث : 
[ وهو أنه هل يجوز لنا أنْ نتحدث عن الناس في غيابهم بما نعرفه عنهم من عيوب ونواقص ؟؟ ] :

فهذا السؤال تكفلت الإجابة عنه كل البحوث التي تكلمت في الغيبة ومساوئها وعواقبها الجسيمة في تفكيك عرى المجتمع والإضرار بلحمته .
ولست هنا بصدد التفصيل في ذلك ، 
إنما أحاول الإشارة فقط الى الرفض القاطع من قبل الإسلام لمثل هذا الإسلوب المشين .
يقول تعالى : ( لايغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه ) [ الحجرات : ١٢ ] . 

تلك هي الصورة ! أن يموت أخوك وتقف أنت أمام جثته ، والسكين في يدك فتقطع جزءاً من هنا وجزءاً من هناك فتأكله ! 
فهل هناك أبشع من ذلك ؟! 
ربما لو كان الآخر موجوداً لما تجرأت على الحديث عنه بنحو مسيئ .
 الآخر غير موجود فتتجرأ على تقطيع أوصاله كما لو أنك تقطع بأوصاله وهو ميت أمامك ! 

وفي الحديث عن الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال : 
( يا أبا ذر ، إياك والغيبة ، فإن الغيبة أشد من الزنى ، قلت : ولِمَ ذلك يارسول الله ؟ 
قال : لأن الرجل يزني فيتوب الى الله ، فيتوب الله عليه ، والغيبة لاتُغفر حتى يغفرها صاحبها ) .
وعنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أيضاً أنه قال : 
( إياكم والغيبة ، قيل : وما الغيبة يارسول الله ؟ قال : ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : 
أنْ تذكر أخاك بما يكره ، قيل : وإنْ كان فيه ؟ قال : وإنْ كان فيه ، وإنْ لم يكن فيه فقد بهته ) .
وفي حديث آخر أو صيغة أخرى عنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ايضاً : 
( إعلمْ أنك إذا ذكرته بما هو فيه فقد أغتبته ، وإذا ذكرته بما ليس فيه فقد بهته ) . 

[ له تتمة ] 

[ حسن عطوان ] 


حسن عطوان

شاهد ايضا

  • Blogger Comments
  • Facebook Comments

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Top