/ نقد وتقويم الآخر ، نظرة في المشروعية والإسلوب /
[ الحلقة الثانية ] ( 2 _ 3 )
⏺ أما بالنسبة للسؤال الثاني :
[ وهو أنه هل يحق للإنسان أنْ يواجه الآخر بعيوبه وزلاته وفي أية حالة من الحالات ؟؟ ]
فالجواب هنا يختلف بحسب إختلاف الدوافع التي تدفع الإنسان الى هذه المواجهة .
◀️ فقد يكون الدافع هو النصح والتوجيه والإرشاد من أجل أنْ يصحح هذا الإنسان مسيرته وأخطاءه .
◀️ وقد يكون الدافع هو التعيير والتشويه والإنتقاص والإهانة .
ففي الحالة الاولى :
نجد انَّ الإسلام يشجع المؤمن بل قد يوجب عليه نصيحة الآخر سراً ليأخذ بيده نحو الخير والصلاح ، بل اعتبرت الشريعة ذلك حقاً للمؤمن على المؤمن .
فالأحاديث الشريفة جعلت أنَّ ( من حق المؤمن على المؤمن أن يديم نصيحته ) ،
بل أعتبرت مضامين عديدة من الروايات أنَّ ( المؤمن مرآة المؤمن ودليله وعينه التي يبصر بها ) .
فكما أنَّ مهمة المرآة كشف العيوب الظاهرية لشكل الانسان ليصلحها دون أن تترك أثراً سيئاً ، فكذلك المؤمن هو مرآة أخيه ينصحه بالسر وينبهه على أخطاءه السلوكية ليخرج للعلن وهو بأفضل مضمون ،
وهو عينه التي تدله على الطريق السليم .
بل نجد أن الإسلام يدعو الإنسان الذي وُجٍهت له النصيحة بأن يبادل الناصح الإمتنان .
ففي الحديث الشريف :
( رحم الله من أهدى إليّ عيوبي ) .
ورحم الله ذلك الشاعر الذي قال :
" أنت عيني وليس من حق عيني غض أجفانها على الأقذاء " .
◀️ أما الحالة الثانية :
وهي الحالة التي يوجّه فيها إنسانٌ نقداً لآخر بقصد التحقير والإنتقاص ،
فإن الإسلام يرفض ذلك رفضاً قاطعاً .
ومرت الإشارة الى ذلك في الحديث المتقدم عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) .
◀️ بل جاء في حديث : ( من عيّر مؤمناً بذنب لم يمت حتى يرتكبه ) .
⏺ أما بالنسبة للسؤال الثالث :
[ وهو أنه هل يجوز لنا أنْ نتحدث عن الناس في غيابهم بما نعرفه عنهم من عيوب ونواقص ؟؟ ] :
فهذا السؤال تكفلت الإجابة عنه كل البحوث التي تكلمت في الغيبة ومساوئها وعواقبها الجسيمة في تفكيك عرى المجتمع والإضرار بلحمته .
ولست هنا بصدد التفصيل في ذلك ،
إنما أحاول الإشارة فقط الى الرفض القاطع من قبل الإسلام لمثل هذا الإسلوب المشين .
يقول تعالى : ( لايغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه ) [ الحجرات : ١٢ ] .
تلك هي الصورة ! أن يموت أخوك وتقف أنت أمام جثته ، والسكين في يدك فتقطع جزءاً من هنا وجزءاً من هناك فتأكله !
فهل هناك أبشع من ذلك ؟!
ربما لو كان الآخر موجوداً لما تجرأت على الحديث عنه بنحو مسيئ .
الآخر غير موجود فتتجرأ على تقطيع أوصاله كما لو أنك تقطع بأوصاله وهو ميت أمامك !
وفي الحديث عن الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال :
( يا أبا ذر ، إياك والغيبة ، فإن الغيبة أشد من الزنى ، قلت : ولِمَ ذلك يارسول الله ؟
قال : لأن الرجل يزني فيتوب الى الله ، فيتوب الله عليه ، والغيبة لاتُغفر حتى يغفرها صاحبها ) .
وعنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أيضاً أنه قال :
( إياكم والغيبة ، قيل : وما الغيبة يارسول الله ؟ قال : ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
أنْ تذكر أخاك بما يكره ، قيل : وإنْ كان فيه ؟ قال : وإنْ كان فيه ، وإنْ لم يكن فيه فقد بهته ) .
وفي حديث آخر أو صيغة أخرى عنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ايضاً :
( إعلمْ أنك إذا ذكرته بما هو فيه فقد أغتبته ، وإذا ذكرته بما ليس فيه فقد بهته ) .
[ له تتمة ]
0 التعليقات:
إرسال تعليق