04:54:06صباحا

اخبار المركز

السبت، 1 مايو 2021

نظرية التعددية الدينية. الحلقة الثالثة.

الشيخ حسن عطوان 



🖋 من هنا نحتاج أنْ نبيّن المقصود من تلك الآية : 

( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هادُوا وَ النَّصاری‌ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ عَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ ) [ البقرة : 62 ]

فلأجل التوفيق بينها وبين الآيات القرآنية المتقدمة .

نقول : 
إن الآية إنما هي بصدد الإجابة عن سؤال كثر تداوله في بداية تاريخ الإسلام .

 وهو : ما هو مصير الأجيال التي لم تدرك عـصر الإسلام ؟؟

حـيث أنَّ المسلمين بعدما بعث الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) واعتنقوا رسالة الإسلام ، وبيّن لهم النبي أنَّ الدين الحق هو الإسلام ، صاروا يسألون عن أحوال الأجيال السابقة من آبائهم وأجدادهم الذين لم يعتنقوا الإسلام ، 
هل هم من الناجين ، أم لا ؟؟ 

فنزلت هذه الآية لتبَيّن أنَّ كل مَن عمل بشريعة نبي زمانه وطبقها ، فهو ناج يوم القيامة .
فاليهود الذين عملوا بشريعتهم في زمانها وطبقوها ناجون يوم القيامة ، 
وكذلك النصارى الذين عملوا بشريعتهم في زمانها فإنهم ناجون أيضاً ،
وكذا حال الصابئة أيضاً .

وأما بعد نزول شريعة الإسلام فالحق هو تطبيق شريعة الإسلام والعمل بها .

وبذلك اتضح : 

أن هذه الآية المباركة لا تصحح معتقدات الأديان في جميع المراحـل والأزمان ، 
وإنما تصحح كل شريعة في زمانها فقط .

فهذه الآية الكريمة لاتدل على مدعاهم بقرينة الآيات الأخرى التي ذكرت بعضاً منها . 

🖋 ثم اذا كان الرسول قد نزل عليه مضمون كلي فقط ،
 وأنًَ القرآن منه وليس وحياً إلهياً ! 
انما هو فهمه البشري .

فكيف نفسر : 

( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ) [ الحاقة : 44 _ 47 ]

وايضاً : 
( وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ ۖ وَإِذًا لَّاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا إِذًا لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا ) [ الإسراء : 73 - 75 ]

وايضاً : 
( عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ ) [ التوبة : 43 ]

وايضا  :
( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ۖ ) [ الأحزاب : 37 ]

فلو كان القران من الرسول لما كان معقولا أنْ يقلل من قداسته امام مريديه ،
ولما كان معقولاً أنْ يشير الى مايمكن أنْ يُعتقد أنه ذم له أو أنه عتب عليه .

ومن الواضح ان مثل هذه الايات على الأقل تقلل القداسة في نظر الاتباع .

🖋 بقي أمران : 

الأول : 
قد يقال :  
أنَّ رفض التعددية الدينية لازمه أنَّ غالب البشرية تدخل النار والناجون قلة ، 
وهذا خلاف سعة الرحمة الإلهية !

وجواب ذلك واضح :

فأولاً : نحن نؤمن أنَّ كل دين كان هو الدين الحق في زمانه قبل نسخ شريعته بشريعة الدين اللاحق ، وقبل التحريف الذي طال معتقده وشريعته .

وثانياً : إننا نميّز بين الإنسان العالم بالحقيقة ،
ولكنه ينكرها لعناد او لتعصب او لهوىً او للحفاظ على دنياه ، أو لغير ذلك .
وبين الإنسان البسيط الذي لايتمكن من البحث ، اي الجاهل القاصر ، الذي يصطلح عليه بالمستضعَف ، او حتى لو كان من أهل البحث وبحثَ فعلاً ولم يقتنع بالدليل على بطلان معتقده وصحة المعتقد الآخر ،
فمثل هؤلاء معذورون إنْ شاء الله .

🖋 الأمر الثاني : 

قد يقال أيضاً : 
أنَّ رفض التعددية الدينية يعني نسف التعايش مع الآخر من أتباع الأديان الأخرى الذين قد يكونون من أبناء وطن واحد !

والجواب واضح ايضاً :

اذ أنَّ القرآن الكريم قـد أوضـح الموقف مـن مسألة التـعايش .

حيث قال : 
( لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) [ الممتحنة : 8 _ 9 ] .

 فهاتان الآيتان تفيدان : 

أن المخالف الديني على نحوين  :
مخالف ديني مسالم وآخر محارب . 

أما الأول : فالقرآن الكريم لم ينْهَ عن التعايش السلمي مـعه ؛ إذ أنـه وإنْ اختلف معنا دينياً ، ولكنه ما دام لا يتعدى على غيره ، فإن القرآن الكريم يدعو للتعايش السلمي معه .

وأما الثاني ، وهو : المخالف الديني المحارب ، والذي يريد أنْ يقصينا من الوجود ، ويتعدى على الحقوق والحرمات والكـرامـات ،
فـإنَّ القـرآن الكريم ينهانا عن التعايش معه وتوليه .

🖋 ولحسن الظن ببعض المناصرين لنظرية التعددية الدينية فأظن أنَّ مادفعهم لنصرتها هو هاجسهم من أحد الأمرين المتقدمين ،
وهما : إستبعاد أنْ تدخل أغلبية الناس للنار ،
وقضية التعايش .
واتضح أنَّ الحل لهذين الأمرين ليس متوقفاً على القول بهذه النظرية .

والله من وراء القصد .
نظرية التعددية الدينية. الحلقة الثالثة.

شاهد ايضا

  • Blogger Comments
  • Facebook Comments

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Top