04:54:06صباحا

اخبار المركز

السبت، 1 مايو 2021

نظرية التعددية الدينية. الحلقة الثانية.

الشيخ حسن عطوان 



🖋 قد يقول قائل : 
يُنقض ذلك : أننا في عصر غياب المعصوم نأخذ الشريعة من علماء دين ، ومعارفهم ليست وحياً وليست قطعية .

فنقول :
أنَّ الأحكام التي يبيّنها علماء الدين ، 
 على نحوين :
منها ماهو قطعي .
ومنها ماهو ظني .
والأولى هي الثوابت والضـروريات ، 
من قبيل : وجوب الصلاة والزكاة والخمس والحج ، وحرمة الزنا وشرب الخمر والسرقة ونحو ذلك ، 
فجميع هذه الأحكام التي بيّنها العلماء هي أحكام قطعية .
والثانية وهي الأحكام الظنية ، من قبيل : 
أنَّ الواجب الإتيان بالتسبيحات الأربع في الركعة الثالثة والرابعة في الصلاة هل هو مرة واحدة او ثلاث مرات ؟؟
وأنَّ الواجب الإتيان بسورة كاملة بعد الفاتحة او يجزي الإتيان ببعض السورة ؟؟ 
وهكذا .
فهنا دلَّ الدليل على حجية قول المجتهد في مثل ذلك ولو لم يطابق الواقع . 

الخلاصة : أنَّ لاشيء من التفسيرين لنظرية التعددية الدينية يصمد أمام النقاش بأدنى تأمل .

🖋 ولكن بعض اصحاب نظرية التعددية الدينية من المسلمين  : 

يستندون في مدعاهم على الآية الكريمة التي ذكرناها في صدر هذه المقالة .

اذ قالوا بأنَّ تلك الآية المباركة تدل على :
 أنَّ المسلمين على حق ،
واليهود على حق ، 
والنصارى على حق ، 
وهكذا الصابئة ، 
وكل مَن آمن بالله وعـمل صالحاً فلهم أجرهم ، ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون .

وهذا دليل صريح على صحة نظرية التعددية الدينية ، وأنّه يصح للإنسان أنْ يختار أية شريعة ويتعبد بها .

ونقول : 

إنَّ الاستدلال بهذه الآية هو من قبيل الأخذ ببعض القرآن ونبذ بعض .

يقول تعالى : 
( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ) [ البقرة : 85 ] .

والذي يريد أنْ يتبع القرآن الكريم ويعرف موقفه من قضية ما عليه أنْ يتتبع كل الآيات المرتبطة بسؤاله .
وإلّا أنطبق عليه قوله عز من قائل :  

( هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ ) [ آل عمران : 7 ] .

وأنت اذا تتبعت آيات القرآن الكريم في هذا المقام تجد أنّه في العديد من آياته يُخَطّئ معتقدات اليهود والنصارى .

ومن ذلك قوله تعالى : 

( وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ۖ ذَٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ ۖ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۚ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ) [ التوبة : 30 ]

وقوله جلَّ وعلا :
( وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ ۚ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ۚ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا ) [ الكهف : 4 - 5 ] 

وايضاً : ( وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا )[ مريم : 88 _ 92 ] .

فهذه الآيات صريحة في بطلان عقيدة اليهود والنصارى .

بل يقول سبحانه : ( وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ ۚ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا ۖ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ  ) [ آل عمران : 20 ] 
وهذا الآية صريحة في أنَّ أهل الكتاب مدعوون للدين الإسلامي ،

فكيف يُدّعى أنَّ الآية محل الإستشهاد تدل على صحة إتّباع أي دين من الأديان السماوية ؟؟!

فالأخذ بتلك الآية ، وإغفال هذه الآيات التي تخطئ مـعتقد غير المسلمين ، إيمان ببعض الكتاب وكفر ببعضه الآخر . 
نظرية التعددية الدينية. الحلقة الثانية.

شاهد ايضا

  • Blogger Comments
  • Facebook Comments

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Top