الشيخ حسن عطوان
التعبير ب ( سِدْرَةِ الْمُنْتَهی ) إشارة إلی شجرة ذات ظلال وريفة في أوج السماوات في منتهی ما تعرج إليه الملائكة وأرواح الشهداء وعلوم الأنبياء وأعمال الناس .
وهي في مكان لا تستطيع الملائكة أنْ تتجاوزه .
و حين بلغ جبرائيل في معراجه مع النّبي إلی ذلك المكان توقّف عنده ولم يتجاوزه .
ومع أنّه لم يرد توضيح عن سدرة المنتهی في القرآن الكريم ، إلّا أنَّ الرّوايات ذكرت لها أوصافاً كثيرة ، وجميعها كاشف عن أنَّ إختيار هذا التعبير هو لبيان نوع من التشبيه ، لقصور اللغة عن بيان مثل هذه الحقائق .
ففي حديث عن النّبي ( صلّی اللّه عليه وآله وسلّم ) أنّه قال : ( رأيت علی كلّ ورقة من أوراقها ملكاً قائماً يسبّح لله تعالی ) .
وجاء عن الإمام الصادق ( عليه السّلام ) نقلاً عن رسول اللّه ( صلّی اللّه عليه وآله وسلّم ) أنّه قال : ( انتهيت إلی سدرة المنتهی وإذا الورقة منها تظلّ امّة من الأمم ) .
و هذه التعابير تشير إلی أنَّ المراد من هذه الشجرة ليس كما نألفه من الأشجار الباسقة علی الأرض ، بل إشارة إلی ظلّ عظيم في جوار رحمة اللّه .
◀️ وهنا ايضا ذهب بعض المفسّرين الى أنَّ هذه الآيات ناظرة إلی مشاهدة النّبي للمرّة الثانية جبرائيل في صورته الحقيقيّة عند نزوله من المعراج عند سدرة المنتهی ولم يزغ بصره في رؤية الملك و لم يخطئ أبدا .
ويرد على ذلك نفس ما أوردناه من إشكالات .
◀️ ثم أنَّ مسألة الشهود الباطني هي نوع من الإدراك أو الرؤية التي لا تشبه الإدراكات العقلية و لا الإدراكات الحسيّة التي يدركها الإنسان بواسطة الحواس الظاهرة ، و لعلّه يُشَبّه من بعض الجهات بعلم الإنسان بوجود نفسه وأفكاره وتصوّراته .
فنحن نوقن بوجود أنفسنا وأفكارنا ونعرف ميولنا النفسيّة ، ومثل هذه المعرفة لم تحصل لا عن طريق الاستدلال ولا عن طريق المشاهدة الظاهرية بل هي نوع من الشهود الباطني لنا .
ومثل هذا العلم الحاصل عن الشهود الباطني لا يقع فيه الخطأ ، لأنّه لم يحصل عن طريق الاستدلال الذي قد يقع الخطأ في مقدّماته ، ولا عن طريق الحسّ الذي قد يقع الخطأ فيه بواسطة الحواس .
والله العالم .
0 التعليقات:
إرسال تعليق