ورد في كتاب كامل الزيارات - الباب 72 في ثواب زيارة الحسين عليه السلام في النصف من شعبان - الحديث ٢ : عن إلإمام الصادق ( عليه السَّلام ) أنهُ قَالَ : " مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُصَافِحَهُ مِائَةُ أَلْفِ نَبِيٍّ وَ عِشْرُونَ أَلْفَ نَبِيٍّ ، فَلْيَزُرْ قَبْرَ الحسين بن علي ( عليه السَّلام ) فِي النِّصْفِ مِنْ شعبان ، فَإِنَّ أَرْوَاحَ النَّبِيِّينَ ( عليهم السلام ) تَسْتَأْذِنُ اللَّهَ فِي زِيَارَتِهِ فَيُؤْذَنُ لَهُمْ ".
لاشكّ أننا نعلم يقيناً حسب العقيدة الحقّة التي نطق بها القرآن الكريم أن أرواح النبيين والمرسلين عليهم السلام هي في مقعد صدق عند مليك مقتدر .. وقد عرجت إلى عالم الملكوت الأعلى .. وهو عالم النورانية والكمال والقرب من الله عزّ وجلّ .. وهي تسبّح الله وتقدسّه وتتكامل في عالمها الأسمى في صراط الكمالات اللامتناهية ...
إذن فلماذا تستأذن هذه الأرواح الملكوتية المتكاملة وتطلب من الله النزول إلى عالمنا لزيارة قبر الحسين عليه السلام ؟!! ونحن نعلم يقيناً أنها لايمكن أن تفعل شيئاً – كالزيارة – إلا كونه كمالاً لها ومقرّباً لها إلى الله عزّ أسمه .
إن هذا الحديث يؤكد لنا عقائدياً عمق المعرفة الإلهية التي تجلّت في سيد الشهداء الحسين عليه السلام .. وأن كربلاء الحقيقية هي حرم الله وساحة قدسه .. وفيها يتكامل حتى الأنبياء والمرسلون عليهم السلام بالرغم من علوّ درجتهم وسموّ منزلتهم عند الله سبحانه .. كربلاء هي عالم النور والكمال الذي جسّده الحسين في عالم الشهادة .. حتى الملائكة وسكّان الملأ الأعلى يتشرّفون بالإنتماء الى كربلاء ويطلبون زيارتها ! بالرغم من أنهم ينتمون الى عالم نوراني أعلى من عالمنا .. لأنهم يدركون ماذا تمثّل كربلاء بالنسبة لهم .. ويعلمون أن تكاملهم يمرّ من خلال حرم كربلاء ! فالكون كلّه بسماواته وأرضه ومافيهما وما بينهما انحنى تعظيماً لكربلاء .. إننا مدعوون جميعاً إلى أن نهاجر نحو كربلاء لأن الكون والخلق بأنبيائه ورسله وملائكته وأوليائه يطلب السير نحو كربلاء .. ونعيش في مدينتها الفاضلة التي بناها الحسين عليه السلام وجسّدها بتضحيته الكبرى وفدائه العظيم .. وليس هي المدينة الفاضلة المرسومة في أذهان الفلاسفة والمسطورة في كتبهم !
كربلاء اختصرت كل المسافة بين عالمي الملك والملكوت والغيب والشهادة .. كربلاء شحنة هائلة من النور والحياة إنفجرت في الكون لتضيء ثنايا الوجود بالنور والحياة الإلهية .
كربلاء بمعناها الإلهي هي مدينة القلوب السليمة .. وحرم النفوس المطمئنة .. فسلام على كربلاء الحسين .. وسلام على أهلها وزائريها الحقيقيين .
محمود نعمة الجياشي
14 شعبان المعظم 1442
النجف الأشرف
0 التعليقات:
إرسال تعليق