بين الشرع والعرف.
الشيخ مجيد العقابي
٢٠٢٢/٦/٢٢
—————-
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على حبيبه واله الطاهرين.
في كل الديانات السماوية والحركات التجريبية تجد أن هنالك طابعاً شعبويا يطغى على بعض الممارسات التي تمارس من أجل الوصول إلى نتائج ترتبط بأهداف هذا التوجه الديني أو الحركة التجريبية وعادة ما تدخل المبالغات في طريقة الوصول إلى هذه النتائج ولكن الفرق بين المستوى العقائدي الذي يملكه المنتمي إلى شريعة سماوية من الذي ينتمي إلى حركة تجريبية أولا أنه مكلف وأن هذه الشرعة لها ضوابط ومحددات وثانيا هي التي ترسم له الخارطة مع الأخذ بنظر الاعتبار أن هذه الخارطة تنسجم مع فطرة الإنسان ولا تتجاوز حدود رغباته وتعتدي على غرائزه بصورة كاملة إنما هي تأتي وفقا للمصلحة الواقعية ويتم التعاطي مع رغبات الفرد بتكليف لا يعجز عن القيام به فإن الله يقول بسم الله الرحمن الرحيم ( لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) [الأنعام: آية 152] وبناء على ذلك نحن نجد أن كل الأنبياء جاءوا بلغة الإسلام ولكن كلاً له (شِرْعَةً) [المائدة: آية 48] فموسى عليه السلام جاء بشرعة و عيسى عليه السلام جاء بشرعة والنبي محمد صلى الله عليه وآله جاء بشرعة وهذا التفاوت في الشرعات دليل واضح إن لكل قوم طبائع وخصائص مختلفة عن غيرهم لذلك تأخذ بنظر الاعتبار حتى الجوانب المناخية في كيفية فرض الاحكام لما تراه مناسبا ونافعا لرقي الإنسان وتكامله من أجل الوصول إلى مرضاة الله و القيمة العليا وهي.
لذلك لا يوجد مبرر لكل من يريد أن يرتجل قبال هذه الصور الدينية التي تحقق له أفضل برنامج عبادي وعملي.
ولكم يؤسفني عندما أشاهد بعض الممارسات الارتجالية غير المنسجمة وروح الدين والشريعة فيتبادر إلى ذهني هذا السؤال : لماذا لا نقرأ النص ؟
ولماذا لا نلتزم الواجب؟
ولماذا لا نتخذ الطرق السليمة ضمن الخارطة الموضوعة من الحكمة الإلهية لهذه البشرية؟
فاجد نفسي امام جواب واحد وهو :
بسبب أن الحكم الديني بمساحته الواسعة اعطى حرية كبيرة وفرض مع مراقبته عقوبات اخروية ولا توجد فيه سلطات إدارية وضعية تضبط أفعال الناس وتحاسبهم.
ولذلك تجد الناس يلتزمون بالقوانين الوضعية لأن فيها ضريبة وفيها السجن وفيها الغرامة ولكن لا يلتزمون بتطبيق الشريعة الإلهية بما يريدها الله أو بما أوضحها الأنبياء حتى يمارسوا التدين بوعي ويجلبون له منافع أو يطفون عليه صورة إيجابية من خلال ممارساتهم الصحيحة.
فما أكثر الصور التي تعكس عمق الدين الفردي المنغمس بالممارسات الارتجالية قبال المحددات الدينية.
فعلى سبيل المثال نحن نعرف أن عمل المهوال هو عمل مرتبط بالمديح والثناء وعادة تعدها أبناء العشائر كممارسة اجتماعية عرفية لا تنتمي إلى الدين أبدا ( بل هناك من حرمها من الفقهاء) لأنه فيها مبالغات وفيها ألقى للشعر المغالي في الشخص القادم من كبير عشيرة إذا كان أو من عامة الناس وعادة ما تتحول القضية كوسيلة لكسب المال لأن الذي يمدح يعطي مبلغا من المال لهذا المهوال هذه الطريقة هي معروفة في مناطق محددة وغير قابلة للتمدد لأنها ممارسة اجتماعية ضيقة لا يمكن تمريرها على باقي المجتمعات لكن مع شديد الأسف نشاهد هذه الممارسة بدل أن تتقاص وبدل أن تعي أن ما تقوم به هو عمل غير صحيح لأنه ربما يدخل في الشرك والعياذ بالله ويدخل في الصنمية وفي صناعة الظالمين حيث ان هذا العمل لا غاية فيه الا المديح والثناء ولا يوجد في مهمته أو في قاموسه حالة من الاعتراض على هذا المقبل ولو كان فاسقا! انما هي حالة الترحيب والتمجيد والتعظيم لا غير.
هذه الممارسة شاهدتها عند باب العباس عليه السلام طبعا هي ممارسة سلبية وغير صحيحة لعدة أسباب السبب الأول :
أن هذه الممارسة التي تمارس عادة ما تكون في استقبال الضيوف ولكن عندما يأتي المهوال ويمارسوها عند باب العباس عليه السلام فهو الضيف على العباس وليس العكس حيث انه ضيف عنده في أرض الحسين وارض العباس وأنصار الحسين وأبطال كربلاء.
ثانيا :
أن هذه الممارسة تمارس لعامة الناس واما ابا الفضل وأهل البيت ليسوا بحاجة إلى هذه الممارسة التي غير منحصرة بموضوع أهل البيت عليه السلام حتى أعتقد أو أقبل بها مثل شعيرة اللطم أو شعيرة مجلس العزاء المخصص لهل البيت فقط إنما هي مشتركة مع عامة الناس فلا قيمة لها من هذه الناحية فهي منارسة تمارس لكل من هب ودب وهنا فقدت قيمتها.
ثالثا:
أن الوقوف عند باب العباس وإظهار هذا الضجيج وألقاء الأشعار و التي يمكن أن تكون غير منضبطة هي تعطي صورة سلبية وغير إيجابية فيتقول المنافق على المؤمنين ويتجاوز الغافل على المخلصين ويقول ان أغلب الذين يمارسون الشعائر الدينية ليس لديهم وعي وبسبب ذلك ستنعكس هذه الصورة السلبية على اتباع هذا الدين الحنيف بقيت مسألة أخرى أن وجود القوم عند باب أبا الفضل عليه السلام وهذه الضجة الكبيرة التي تحصل مع قطع المسير فهناك ملايين من الناس يزورون كربلاء المقدسة وبسبب الوقوف عند الباب سيتم قطع الطريق عليهم وهذه أذية للزائرين و فيها أشكال شرعي من باب أن هنالك اذى على الزائرين! ولعله يصل الموضوع إلى حد التزاحم بين النساء والرجال بسبب قطع المهوال للطريق ! كما ان هذه الممارسات والضرب بالأقدام على الأرض والهتافات هذه كلها ممارسات غير صحيحة فلو كان لدينا عقيدة راسخة وتصورنا حرمة المكان الطاهر وما له من قداسة لما سمع لنا صوتا وفيه أذية للزائرين فالأولى الابتعاد عن هذه الممارسات فنحن نريد أن يرتقي المجتمع ويطبق الجانب الديني ولا نريد أن يأتي بعرفه ويفرضه على الدين دمتم سالمين.
0 التعليقات:
إرسال تعليق