أفرزت العقود المتأخرة في الأمة الإسلامية والعربية على وجه الخصوص ظاهرة إيجاد إيمان بلا تدين.
وهذه الظاهرة متعددة المناشئ مشتركة في النتيجة غير منحصر بتوجه ديني أو سياسي أو فكري فكل هذه المحركات مشتركة في صناعتها ونشأتها.
فهناك توجهات دينية قرأت النص الديني بنظارة الانبهار للتحول الحضاري في أوربا. وأخرى قرأت النص الديني بعين الانقلاب على الواقع المعاش من قبل عناصر التأثير المباشرة في القرار الديني. وأخرى قرأت النص الديني برؤية تلفيقية ما بين المنظومة التشريعية والسياسة التدميرة وهكذا.
وبالمحصلة تعددت الأسباب والمناشئ ولكن النتيجة واحدة وهو إيجاد (إيمان بلا تدين) .
إن هذه المسألة التي أتحدث عنها ليست بجديدة أبدا بل ظهرت في زمن ال امية بعد الأربعين للهجرة وبدأت تتبلور وتتشكل تحت عنوان المرجئة.
وقد حذر رسول الله منهم (صلى الله عليه وآله) حين قال: صنفان من أمتي لعنهم الله على لسان سبعين نبيا: القدرية والمرجئة، الذين يقولون: الإيمان إقرار ليس فيه عمل (2).
كنز العمال: 1 / 118 - 140.
الغريب أن المرجئة اليوم أكثر تأثيرا على البيئة الشيعية من غيرها وذلك لأسباب جزء منها السياسة السلبية التي اتبعت في تصنيم المجاميع أو تدوير القيادات أو الخضوع للواقع رغم كل هناته.
لقد مارست السياسة الحديثة أسلوبا غير متعارف في السياسة السابقة فالسياسة إما استبداد أو ديمقراطية. إلا أن السياسة الجديدة استحدثت أسلوبا آخر بالتعامل مع المجتمعات وهي سياسة التجهيل والاستسهال؟.
وهذه سياسة قاتلة ومدمرة لأنها توصل الإنسان إلى مرحلة الجنون الفعلي المتولد من زرع الشك في داخله وتبرير أفعال الزعامات السياسية وهذه حالة أصعب بكثير من تحمل الظلم أو العيش في رضى وقبول وقناعة! لأنها تقتل وجوده داخليا فتفرز معتقدات ومؤشرات الإيمان بلا تدين.
يتحول هذا الفرد إلى لا هدفي بامتياز إلى شخص يحاول أن يجد نفسه في الحرية الكاذبة والمنحرفة والتي فقدها في مجالات الوجود الخارجي ككيان له الأثر في صنع الرأي العام والمغير للواقع.فيلجئ إلى الجهة المحصنة والرصيد المختوم ويسلبها من انتمائه الديني والعقائدي ويعيش على حساب آخرته وبعده عن الله جل جلاله.
لعلك تراني الآن اكتب من وحي الإسلام بعد أن بدأت متجردا في بداية المقال وهذا ليس عيبا ولا نقصاً أخشاه. إنما التذكير بما هو معيار وهوية كبرى يتم تضييعها علانية بسبب مصاديقنا الدنيوية والمرجو أن نعود إلى هذا الميزان الذي يسحبنا إلى مساحة التوازن والتعرف على أنفسنا وما الذي أوصلنا إلى أن نعيش الإيمان بلا تدين الذي يدفعنا إلى أن نفصل الدين على مقاساتنا من دون دليل علمي حتى.
إن المراحل المتقدمة في هذا الزمن من ضياع الأسوة والقدوة لا يمكن أن تدفع بنا إلى نكران وجودنا الذي يدل على عظمة هذا الوجود. فالوجود يكشف حقيقة النظام العادل والوجود يضفي علينا خصائصه المميزة وهي كفيلة بأن نعبد ربا واحداً لا قاهر له ولا منازع. هذا الرب الذي أرسل رسله بالأخلاق والنظام والدساتير لراحة الإنسان. لا دخل له بمن سعى في الأرض فسادا وإلا لماذا أرسل رسله إلينا؟ لو كانت الأرض تنعم بالخير فما الداعي لوجود الأنبياء؟ إذا هو أرسل الرسل بعد أن أفسدنا في الأرض وهذا دليل عظمته وعدله وأننا البشر لا بد أن نعيش التدين الذي يضمن ديمومة السلام على الأرض. فلا يكفي أن نقول لا إله إلا الله ونحن نعبد شهواتنا وأناس مثلنا أو لدينا رغبات أشبه بالقذيفة النووية التي كانت إنجاز علمي متقدماً لكنها قتلت الناس؟!
لنعود إلى القوي الحي الذي لا يموت
ونخشاه كأننا نراه
ولا نتلاعب برحمته أو غضبه
فمهمتنا الطاعة له وهو المستحق لها على ما أنعم علينا سبحانه من اله ما أكرمه.
https://t.me/iljnaan
الشيخ مجيد العقابي.
٢٠٢٢/١٠/٣٠
0 التعليقات:
إرسال تعليق