04:54:06صباحا

اخبار المركز

السبت، 12 نوفمبر 2022

رصد عقابي ٧. هيئة الاعلام والاتصالات


 بسم الله الرحمن الرحيم. 

#رصد_عقابي_٧  ( هيئة الإعلام والاتصالات). 


لكل بلد ثقافة خاصة متشكلة من تاريخه وبعض الأعراف التي تشكل هويته في العالم. 

وهذه الهوية هي الصورة الراسخة في ذاكرة الأجيال تتمظهر في القيم والمبادئ التي تظهرها الممارسات كسلوكيات قابلة للتكيف مع التطور ومواكبة للحداثة إلا أنها لا تخرق القيم والمبادئ والهوية. 

وللحفاظ على الهوية عدة محددات تقوم بها الجهات المسؤولة والمعنية في ضبط إيقاع المجتمع فمهما تغيرت سلوكيات المجتمع هناك ضابطة ترجعه إليها هذه الجهات والهيئات المعنية والتي بتضامنها يبقى المجتمع نبيلاً وأصيل مرتبطاً بتاريخه وحضارته مهما كان. 

ومن الدعائم التي تصير المجتمع ولها التأثير المباشر هي وسائل الإعلام والتي كانت عبارة عن الإذاعة والتلفاز سابقا قبل عقود.  أما الآن فلقد تطورت وكثرت مساحة الإعلام بوجود برامج التواصل الحديثة. لذلك أصبحت مهمة السيطرة والتقنين خاصة بجهة واحدة فقط وهي هيئة الإعلام والاتصالات. 

طبعا هذه الهيئة تأسست في سنة ٢٠٠٤ بعد التغيير بسنة . وقبلها كانت هناك وزارة خاصة بالإعلام تسمى وزارة الإعلام العراقي. فأصبحت هيئة الإعلام والاتصالات هي المسؤول الأول بمتابعة الإعلام في العراق. كما أنها هيئة مستقلة غير مرتبطة بجهة وهذا يجعلها تتحرك بقوة أكثر باتجاه إصلاح الإعلام والاتصالات. 

لا يختلف اثنان أن الإعلام له تأثير كبير في صناعة الرأي العام ورفع منسوب الوعي لدى المجتمع ونقل رسالة عن البلد للعالم. 

ولذلك كان المجتمع منشداً إلى الشاشة العراقية قبل ٢٠٠٣ بقوة أولا لأنها الوسيلة الوحيدة للمشاهدة وثانيا لوجود المعلومة والترفيه غير المخل بالآداب والتعرف على العالم وما يجري فيه ثالثا. 

لذلك استطاعت ( أي الشاشة)  أن تخفي حقائق السلطة الباطشة حتى على المجتمع العراقي فضلا عن العالم الخارجي بإظهار الصور الإيجابية والمديح والثناء المستمر للسطلة وغيرها من البرامج المؤدلجة. 

ولكن لو عزلنا هذا الجانب الخاص بالسلطة ( من مديح وتزييف) عن باقي الإعلام آنذاك لوجدنا أعلاما مربيا مثقفا معلما للجميع. 

حيث كانت البرامج مستهدفة للطبقات الاجتماعية دون استثناء أو تغييب

فللطفل برامج

وللمرأة برامج

وللأسرة برامج

وللصحة برامج

وللدفاع برنامج

وللمرور برنامج

وللترفيه برامج

وللعلم برامج وغيرها. 

وكانت أوقات البث مقسمة إلى ثلاثة أوقات في اليوم وتنتهي ليلا إلى اليوم التالي. 

فكان يبدأ من الساعة العاشرة صباحا حتى أذان الظهر. ثم ينته ويبدأ في الساعة الرابعة عصرا. إلى الثانية عشر ليلا وهكذا في كل يوم ما عدا يوم الجمعة تبقى فترة الظهيرة.  

وهذا بحد ذاته كان مساهما في الحفاظ على الدراسة وعلى العمل وعلى الأسرة. فالطالب عندما يعود من مدرسته ينام عند الظهر. لذلك كانت الظهيرة في العراق عبارة عن شوارع فارغة لأن الأغلب يحتضن الفراش للراحة. ويستيقظ عند الساعة الرابعة لأفلام الكارتون ( والتي كانت ملازمة لعرف جميل وهي العصرونية أي الشاي والكعك العراقي ) إلى الساعة الثانية عشر ليلا وبعد الساعة الثانية عشر ليلا يغلق التلفاز وينام الجميع ولا يوجد أي سهر. فينام مما يشجعهم للقيام في الصباح وهم مكتفون من ساعات النوم ليمارسوا عملهم ودراستهم بنشاط. 

إذا لم يك الإعلام عبارة عن ترفيه وتنفيس وزيادة علم فقط بل كان مساعدا وضابطا لحركة المجتمع ومشجعا للحفاظ على القيم والهوية وليس محفزا للتمرد والكسل والاتكال وعدم التنظيم للحياة! . 

أما اليوم فلقد أصبح الإعلام المرض الأكبر والسبب الأول في دمار المجتمع. ببث برامج الجريمة ومسلسلات الخيانات وإهمال برامج الأسرة وتقديم العري بدل الأخلاق وتفرد المقدمين والمخرجين والمعدين بالإسفاف والارتجال. والسعي خلف الاشتراكات والمشاهدات على حساب القيمة والهوية. وبروز النشاز والتفاهة والإسفاف وإهمال التوعية والبناء والتعليم. 

فتم تدمير الأسرة والمجتمع والإبداع واستبدل بالفساد والخزي والتفاهة. 

طيب أين دور الرقابة والمتابعة؟ من قبل الجهات المعنية التي تتحمل مسؤولية هذا الملف الخطير جدا؟ 

حتى وصل الاعتداء على الله ( سبحانه من لا يعتدي على أهل مملكته) من خلال إفساد شهر الله شهر الصيام الذي يتنافس عليه الإعلام لجعله شهر الشيطان ! فبدل زيادة التقوى والورع؟ يزيدون من برامج العري والفساد عيانا بيانا !!!! 

فإذا كنا لا نخاف على تاريخنا فلنخاف على سمعتنا من جيراننا! 

وإذا كنا لا نخاف على سمعتنا فلنحاف من ربنا ! 

وإذا كنا لا هذا ولا ذاك إذا حق علينا الموت لأننا بلا إحساس أو شعور؟!. 


الحلول. 


١- السيطرة التامة على الإعلام كله مشاهد أو مسموع ( باستثناء المكتوب لحرية التعبير) ومحاسبة من يخرج عن الذوق العام محاسبة شديدة. وتعريضه إلى الإيقاف والسجن لأي شيء يخدش الحياء. 

٢- العمل على إعادة البرامج الخدمية والتربوية التي تشد المتابعين إليها ليعودوا من البرامج الافتراضية إلى الشاشة الرئيسية وهذا بدوره يقلل جهد متابعة الأسرة لأن الشاشة مشاهدة من الجميع وسيكون العرض أمام الكبار فلا يضطرون إلى القلق من التواصل السري لأولادهم أو استخدامهم للبرامج الإلكترونية. 

٣- نشر برامج التعبئة والتوعية وإنتاج مسلسلات بمستوى ما كان ينتج قبل التغيير حيث كان لكل مسلسل رسالة ( وخصوصا المسلسلات المصرية التي تحاكي الواقع ) ومنها المسلسلات العراقية الأصيلة التي تتحدث عن المحبة والأمانة والتواصل وغيرها من الأمور. 

٤- الابتعاد عن استهداف بعض المجتمع العراقي للسخرية والضحك عليه والذي لم يعمل به حتى في زمن السلطة السابقة! واحترام العمامة والعقال والعباءة العراقية والسدارة وكل ما يوضع على الرأس لأنها تمثل أصالة وتراثاً مثل أي شيء آخر مرتبط بالحضارة. ولا يعاب على الفلاح والعامل مع شديد الأسف. 

٥- إيقاف البرامج إلكترونية أو العمل على تقييدها ليستفيد منها فلقد تفككت الأسر وعرض الشرف وبيعت الغيرة في بعض البرامج أمام العالم. 

٦- الاهتمام بالكفاءات ومن لهم خبرات إعلامية وليس مشاهدات ونجوماً في السوشل ميديا. ( مع الأسف هذا الموضوع وحده يحتاج إلى مقال ) فلقد لوثت الثقافة بمصطلحات وعبارات ما أنزل الله بها من سلطان. حتى باتت تهدد اللغة بل تهدد حتى اللهجة العراقية. 

٧- أخبار الإعلاميين أن يتحدثوا بانضباط وان لا يقلدوا ما يجري في بعض البلدان. وأن لا يلووا بألسنتهم عن لغة الضاد وأن لا يميلوا الميل كله بما يطرحون.وأن لا يقدم إلا ما يخدم المجتمع والعراق ويكفي برامج سياسية. وأن يهتموا بالدين والأعراف والتربية.وأن لا يحتكروا القنوات والإذاعات وأن تعود القوة لقسم العلاقات في المؤسسات وليس للمقدمين والإعلاميين الذين يظهرون الضيوف على مزاجهم أو على الانتماء حسب الحزب الممول أو المالك. بل قد تجاوز هؤلاء حدود العقلانية وساهموا مساهمة كبيرة بتصدير بعض الكفرات والامعات وما عاد السكوت مجديا أبدا. ( ويمكن أن يكون هناك مقال مستقل بالأمثلة والأسماء ). 

٨- احترام التنوع في البلد ولكن ليس على حساب الأغلبية فلقد غيبت ثقافة الأغلبية من دين وعرف (طبعا ما أقصده بالعرف أي طبائع وثقافة ) وتاريخ وأصبحت المجاملات تسير باتجاه التغييب العمدي لهم! لذلك لابد من إعادة ثقافة التلاقح الفكري والتعرف على المجتمع من خلال إدخال نصوص حيوية عن ثقافة الشريك كيف يصلي كيف يعمل.  

مثل مسلسل عراقي عندما يسافر الفرد إلى الجنوب يظهر صلاة الشيعة وعندما يذهب إلى الأنبار يظهر صلاتهم وعندما يذهب إلى أربيل يظهر خبزاً أو طبخاً أو أي ثقافة خاصة بالكرد. هذا ما يعزز التواصل في بناء المجتمع وليس العكس. أما أن تأت إلى الجنوب فتظهر الممثل يصلي وهو جالس وتستخي أو تتعمد عدم إظهار صلاته فلقد غيبته عن العالم! دعه يصلي واقفا وهو يسبل يديه وهذه رسالة إيجابية أن الفروق بين المسلمين هي فقهية لأن المالكي يسبل يديه كذلك؟ وهكذا ستساهم بالرد على الإرهاب الذي يكفر جهة ما!!  وعندما تذهب للأنبار دعه يصلي وهو يضع كفه فوق الأخرى. حتى يعرف المشاهد أن المجتمع فيه من المذاهب كلها. وعندما تذهب إلى المسيحيين تظهر طقوسهم وهكذا. لا بد من عدم الخجل من دين أو ثقافة أحد فكلهم أبناء الوطن وهذا بدوره يعطي صورة عن التعايش والسلام. أما إذا بقيت تجامل وتظهر جهة دون أخرى حتى لا تتهم بالإقصاء فهذا هو الجهل بعينه لأنك تقتل جهة على حساب جهة.كذلك عندما تريد أن تظهر الجوامع اظهر معها الحسينيات والكنائس والأديرة حتى يطلع العالم على عمارة بلادك وتنوع دور العبادة. ( وكم أتمنى أن يطهر الفنان المعقل وهو يرتدي الكفية والعقال بطريقة صحيحة فإما أن تكون غير منظمة أو غير مرتبه كذلك بالنسبة لرجل الدين الذي يظهر وهو يضع غترته البيضاء وهذه الأمور الفنية مهمة بالعمل). 


https://www.m-alfikr.org/


بالنهاية كما في كل منشور. لا تعميم ولا شخصنة إنما من الواقع والإعلام لا بد أن يتحمل مسؤوليته الكاملة في ضبط الخطاب السياسي والديني والفني حتى يعود المجتمع العراقي مضربا للأمثال ويلتسق بحضارته الأولى التي علمت الإنسان القراءة والكتابة!! الاحترام كله للجميع وللمسؤولين على هذا الملف راجيا لهم التوفيق والسداد للقيام بمهمة إرجاع الهوية. والله من وراء القصد. 


https://t.me/iljnaan


الشيخ مجيد العقابي. 

٢٠٢٢/١١/١٢

رصد عقابي ٧. هيئة الاعلام والاتصالات

شاهد ايضا

  • Blogger Comments
  • Facebook Comments

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Top