بسم الله الرحمن الرحيم
#رصد_عقابي_٦. (وزارة الإسكان ).
من الطبيعي جدا عندما تقرأ اسم وزراة الإسكان يتبادر إلى ذهنك أنها وزراة معنية بتجهيز المجمعات السكنية للمواطنين ممن لا أرض له ولا سكن.
ومن الواضح أيضا أنك تشعر بوجود فرصة أكبر للاستفادة من قروض البناء لمن لديه أرض أو يريد أن يشتري له داراً.
ولكن المسألة مختلفة تماما عما تشعر به وتعيشه من فرصة أمل بامتلاكك سقف يضمك أنت وعائلتك في بلد نسبة التصحر فيه ٧٠٪
وفيه مساحة غير مستخدمة تقدر ب٢٣ مليون دونم قابلة للزراعة أي فارغة.
طبعا سيتفاجأ المنتسب لهذه الوزارة بأنني أنفي خدمتها للمواطنين وسيقول لي فعلا نحن نبني ونقرض المواطنين؟ فكيف تدعي أن الوزارة لا دخل لها بالمجمعات والقروض؟
وجوابي أنني لم أنف أنها معنية بذلك ! ولكنني سأتحدث عن أمور أخرى بوجودها يعني لا وجود لمعنى المجمعات أو القروض. لأسباب:
١- إن الوزارة مقلة في بناء المجتمعات السكنية في العراق مع أنها كانت الوحيدة حسب علمي ما قبل ٢٠٠٣ أو لعله في الثمانينات من تبني للمجمعات السكنية.
ورغم زيادة السكان لم نشهد زيادة في المجمعات التي تضمن سد النقص وعدم الاحتياج. ففي تقرير لجنة الخدمات النيابية أن العراق محتاج إلى ٥ ملايين وحدة سكنية ( ولعله أكثر ). في حين أن الوزارة لم تبني ما يسد نصف هذا الاحتياج إلى الآن.
٢- إعطاء المساحات الواسعة لمستثمير معينين لبناء مجمعات سكنية بأسعار خيالية فهناك مجمعات وصل سعر الشقة فيها إلى ٤٠٠ مليون عراقي؟ وأخرى ٢٥٠ مليونا عراقي؟ إذا هل ساهمت هذه المجمعات بسد النقص أم هي مجرد مدينة جديدة استحدثت لمن لديهم المال وبقي الفقير خارج الموضوع!
٣- إهمال الأطراف والبناء داخل المدن مع الزخم السكاني وقلة الخدمات والمفروض أن المجمعات تبنى خارج المحافظة حتى تكون مناسبة للجميع فبعد سنوات ستزحف الناس إلى الأطراف وما كان يسمى بالأطراف سيكون مزدحماً باتصاله بالمركز لأن الناس تتكاثر!
أذكر أن هناك مجمعاً سكنياً في خان ضاري قريب من سجن أبي غريب كنت صغيرا عندما شاهدته قبل عقود. كان المجمع من أفضل المجمعات وهو تابع لوزارة الإسكان. تخيل بناء المجمع في ذاك الوقت الذي كانت فيه نسبة عدد السكان لا تتجاوز ال١٢ مليون عراقي بعيدا عن المحافظة وكذلك مساحته كانت ممتازة وبناءه كان جميلاً جدا. وأظنه قائماً إلى الآن. فكيف بنا اليوم وقد وصل عدد السكان إلى ٤٠ مليون عراقي أو أكثر؟
٤- بناء المجمعات بمساحات صغيرة مقيدة لأسرة لا تتجاوز الأربعة أشخاص أو أقل. مثلا مجمع بسماية ( طبعا لا أدري هل هو للوزارة أم لا لكن الحديث عن المجمعات عموما) رغم جمالية المجمع وسده لحاجة كبيرة من النقص حتى لم يبق ممن أعرفهم لم يسكن فيه. إلا أنه بمساحات صغيرة وغرف غير واسعة. بحيث أكبر شقة فيه وهي ١٤٠ متراً لا يمكن أن تستوعب ٦ نفرات أو تضمن خصوصيتهم! لأنها مقسمة إلى أكثر من قسم والمجتمع العراقي أولا متعود على الاستقبال لأنه مضياف واجتماعي ومعروف بان عوائله كبيرة طيب ماذا يفعل من لديه ٨ أفراد أو عشرة ؟ ثم حتى من لديه ٤ أولاد لماذا هذا البخل بالمساحة وهي شقة؟ ومعروف أن الشقة عبارة عن سجن دون قيود يعني لا يوجد فيها متنافس ! كلنا يشاهد المسلسلات والأفلام المصرية عندما يفتح باب الشقة تجد نفسك أمام مساحة واسعة كأنه منزل كبير وذلك من خلال وجود أكثر من استقبال وكراسي تشعرك أنه في منزل وليست شقة ضمن عمارة ؟
٥- مشكلة الكفيل والموظف. إذا كان القرض أو امتلاك شقة من قبل الوزارة لا يتم إلا للموظفين أو من يكفله موظف فماذا يفعل الفقراء ؟ لماذا هذا الأسلوب المتبع في جميع الوزارات وكأن الموظف هو العراقي الوحيد ؟ أوليست الوزارات معنية بالاهتمام بالمواطنين جميعا من دون تمييز ؟ هل ندفع المجتمع إلى أن يقف عند باب الوزارات ليتعين ٤٠ مليون عراقي حتى يمكنه أن يمارس حقوقه الطبيعية بالشراء أو التملك أو ركوبه لسيارة وغير ذلك؟ لماذا هذا الإصرار على أن القيمة للوظيفة أكبر من قيمة الإنسان مما جعل أصحاب المهن والخبرات والقطاعات الخاصة تميل الميل كله إلى الحصول على وظيفة وتسبب نقصا في الحرف والمهن الأخرى ؟
الحلول.
١- التعاون مع وزارة التخطيط وهيئة العقارات واستثناء من لديه ملك باسمه. وتصنيف المجتمع إلى مالك ومستأجر وعشوائيات. حتى تخرج نسبة المواطنين الذين يحتاجون إلى سكن أو أرض للبناء.
٢- العمل على تمليك المستأجر أولا لأنه يعطي مبلغا شهريا للإيجار فيمكن أن يدفع للحكومة على أن يكون المبلغ زهيدا أقل مما كان يدفعه في الإيجار مع تمليكه لهذه الشقة أو الأرض أو الدار . بعد ذلك يتم العمل على العشوائيات.
٣- بناء مجمعات خارج المحافظة وإكمالها بالكامل ثم تحويل المناطق العشوائية إليها وقتئذ يمكن إزالة التجاوزات والاستفادة من الأراضي وزرعها مجددا. أما الحديث عن عشوائيات مع عدم إيجاد حلول لها فهذا معيب ومخزي لأنهم بشر مثلهم مثل الجميع وأكرر معيباً جدا التعامل مع هؤلاء كأنهم درجة عاشرة! مهمة الدولة أن تبني لهم مجمعات فإذا لم ينتقلوا إليها حق لهم أن يستخدموا المدفعية لإبادتهم. أما تهجيرهم وتركهم بلا مأوى فهذا إرهاب مكشوف تمارسه الحكومات وصناعة لمجتمع مجرم وفاسد وعندئذ لا لا نسأل عن الأسباب .
٤- تغيير طريقة الكفيل أو الموظفين ( طبعا حتى الموظف ابتلى على نفسه من كثرة استخدامه للوكالة ) والسماح لجميع المواطنين العراقيين بالاستفادة من المجمعات ومن القروض. فهو لو كان موظفا أو لديه عمل ما بقي بلا سكن ( طبعا الموظف اقصد يستطيع أن يسدد ولا أقصد أنه غني فأنا بنظري حتى الموظف هو فقير ) لذلك لا بد من مناقشة هذه المسألة بجدية وطبعا أعرف أناساً من أهل الخبرة والقانون شجعان في إيجاد الحلول ولعلهم من الوزارة نفسها.
٥- البناء بمساحات كبيرة لتكن بمساحة ٢٥٠ متراً للشقة الواحدة فلماذا هذا البخس بالمساحة؟ فكروا أن هناك أطفالاً يريدون اللعب فكروا أن هناك دكاترة أو رجال دين أو مهندسين أو غيرهم لديهم مكتبات كبيرة. فكروا أن هناك عوائل شهداء عادة ما تكون من الأم والأخوات وزوجة الشهيد وأبنائها. لذلك لا تكثروا من المجمعات ذات الشقق الصغيرة ونبقى ندور في نفس المشكلة وهي مشكلة العوائل الكبيرة.
https://t.me/iljnaan
في نهاية المقال كل الحب والتقدير لأبطال المهمات الصعبة الذين بنوا الجسور وعمروا ما خربته الحروب طيلة العقود الأربعة المنصرمة. فلابطال شركات الإسكان مواقف تدل على عراقيتهم الأصيلة. وأكيد الكلام لا يعنيهم كأفراد إنما يعني المعنين في اتخاذ القرارات وهم كذلك إن شاء ممن يعي المسؤولية ويدرك أهمية أن يكون الفرد لديه سكن يشعره بالأمان والانتماء لهذا الوطن والله من وراء القصد.
الشيخ مجيد العقابي
رئيس مركز الفكر للحوار والإصلاح.
٢٠٢٢/١١/٩
https://chat.whatsapp.com/BA9W9wAq0fKJoubj6MV3UT
0 التعليقات:
إرسال تعليق