بيرق العشائر.
الشيخ مجيد العقابي
البيرق هو الراية التي ترفع في المعارك والهجوم يصحبها ويحملها من هو الأجدر بها ممن يمتلك الشجاعة والقدرة. وعادة ما تكون مخصصة للقائد الذي يتمتع بصفات جيدة حتى يتم النصر على يديه.
فلقد ورد أن النبي صلى الله عليه وإله في معركة خيبر قال ( لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرار غير فرار لا يرجع إلا والفتح على يديه )وبالفعل فلقد تم الفتح على يد الإمام صلوات الله عليه.
وكذلك في يوم العاشر كان حامل اللواء أي الراية هو العباس عليه السلام لما يتمتع به من شجاعة وصمود والشواهد كثيرة حول حملة الراية في التاريخ.
إذ إن حمل الراية يكون من الشجعان والصناديد والقادة وهي محفزة للجنود وداعمة باتجاه التقدم والمضي نحو النصر. ومتى ما تم تركيز الراية تم الاستحواذ على المعركة وحسبت لصاحب الراية التي لم تسقط.
تطورت الآلية إلى أن تحولت الحروب بين الدول والتوجهات إلى العشائر والقبائل حتى اتخذت الصور الحالية وتشكلت ألوان القبائل فهذا البيرق الأحمر وذاك البيرق الأصفر وهكذا كل قبيلة ولو بيرقها.
كما يوجد في داخل البيرق ( الراية) رسم للدلال أو السيوف أو غيرها مع كتابة اسم العشيرة أو البيت أو الفخذ حسب التدرج المعروف بين العشائر.
إلا أنني أشكل على هذا التدرج والأدراج وافتح باب النقد والتصحيح مع علمي المسبق بما أقوم به من عملية نبش للقبور أن صح التعبير لما نراه من صعود حالة الشعبويات الى حد التقديس لبعض الممارسات المرفوضة شرعا وعقلا.
لكن المسؤولية الملقاة على عاتقي وشعوري بالمسؤولية أمام الله والتاريخ والوطن تجعلني أسعى إلى الإصلاح أين ما وجد لذا لدي عدة نقود على ما نراه من استخدام للبيرق في هذه الأيام باختصار:
أولا أن البيرق لا يحمله إلا كبير القبيلة أسوة بتاريخ الراية الذي اختصرت ذكره أعلاه وليس مجموعة من الشباب لمجرد حمله وهزه فقط وللأسف عادة يعطى لمن ليس وجيها أو ذو شأن بل يعطى لأي شخص إذا أين رمزية هذا البيرق؟ ويتم الأمر كما نراه بهز البيرق مصحوبا بالأهازيج والثناء ويصل إلى إطلاق العيارات النارية بكثافة.
ثانيا أن حمل البيرق يكون في الحروب لتحفيز العشيرة بالهجوم على العدو كما ذكرت أعلاه باختصار (لأني أريد أن أهرول إلى المطلب وحتى لا يطول الحديث) فما هو الوجه من استخدامه في المأتم ( الفواتح )؟ مع وجود مداحين ( مهوسجية) تم اصطحابهم بمبلغ من المال للمدح والتهريج والكذب والنفاق بحق هذا الشيخ أو هذا القادم؟ ؟ ؟
والحال أن الأهزوجة تقال ارتجالية من قبل نفس حامل الراية الذي يقود المعركة أما هنا فلا البيرق استخدم بمكانه الصحيح ولا الشيخ يستحق القيادة لأنه ترك مهمته لغيره ولا من يحيطون به شجعان لأنهم يهزجون بغير الحرب ولا ما يقال في حق الشيخ صحيح لأنه ليس بمستحق.
ثالثا. أرجو التركيز على هذه النقطة رجاءً لأني سوف أختم بها وهي الهدف من هذا المقال.
إن البيرق العشائري العراقي يحمل صورة هلال وفي داخله نجمة وهذه الصورة ترمز للدولة العثمانية التي انتهت قبيل القرن العشرين على يد الإنكليز ثم حوصرت بدولة تركيا الحالية ومازال الهلال والنجمة علم تركيا إلى هذا اليوم.
فالهلال يرمز للهلال الإسلامي وأما النجمة فهي ترمز للدولة العثمانية انذاك .
فعلى أي أساس وتحت أي قانون ترفرف نجمة العثمانيين وهلالهم في كل المناطق العراقية؟ ولو سلمنا أنها تعود لتاريخ العشائر الذين لديهم سجل كامل في إسطنبول بسبب الاحتلال العثماني للعراق لكن كيف نحل الأمر مع العلم التركي الحالي وهو يشبه البيراق العراقية او هي تشبهه؟ والعالم كله يعرف أن العلم التركي لونه أحمر وفيه هلال ونجمة ويعد هذا العلم الرسمي للدولة الحالية؟ .
لذلك ادعو ومن منطلق وطني حر ان يتم تغيير الهلال والنجمة في بيراق القبائل العراقية الاصيلة لانهم احرار وليسوا اتباعا لاحد ولابد من العمل على هذا فورا.
وللأسف الشديد أن الأفعال عند البعض ليست كالأقوال فعشائرنا العراقية تمر بأزمة فكرية واجتماعية وإنسانية فلقد تشتت وتبعثرت وسمح أن يدعي الشيخة والقيادة من لا أهلية له ولا قبل.
وسمح أن تتحول القبيلة من زعيم واحد إلى عدة زعامات وتفشى الباطل وديس على الحق والبخت وركب الوجاهة بعض طلاب الدنيا.
لذا أهيب بعشائرنا العراقية الأصيلة تغيير الهلال والنجمة برموز أخرى مثل السيف والخيل والدلة والمكوار.
وأهيب بهم أخذ الموضوع بجدية وان لا يعتبرون الأغلبية والشهرة دليل الصحة وعدم مخالفتهم هو الصحيح أبدا.
بل لابد أن تبدأ العشائر بهذا الفعل احتراما لعلم وطننا وخروجا من تبعية الدولة العثمانية الميتة.
والسلام عليكم.
https://t.me/iljnaan
مركز الفكر للحوار والإصلاح.
الشيخ مجيد العقابي
0 التعليقات:
إرسال تعليق