04:54:06صباحا

اخبار المركز

السبت، 19 نوفمبر 2022

رصد عقابي ١١. وزارة التجارة.


 بسم الله الرحمن الرحيم 

#رصد_عقابي_١١  ( وزارة التجارة).


رغم أن لكل دولة نمط خاص بها في استحداث أو إلغاء الوزارات حسب التركيبة السكانية أو الثقافية الاجتماعية إلا أن العالم مشترك في عدد من الوزارات ثابتة مثل وزارة الدفاع ووزارة التعليم ووزارة التجارة وهكذا. فوجود وزارات أخرى ليست نمطا ثاب في طبيعة الوزرات إنما هي تأخذ أبعاد المجتمع والحكم في البلاد مثلا وزارة المستعمرات في بريطانية فهي غير موجودة في باقي الدول أو وزارة الفنون ففي غيرها يوجد معهد الفنون؟ أو وزارة المرأة وغيرها. 

المهم أن الوزارات تأخذ أبعاد السلطة في وجودها إلا بعض الوزارات فهي لا غنى عنها ولا يمكن إلغاؤها أبدا لأنها تشكل شريان البلاد وأساس الدولة ومن هذه الوزارات المهمة والحيوية هي وزارة التجارة. 

فهي الواسطة والوسيلة الأقوى في خلق نمو اقتصادي كبير في البلاد وتسهيل متطلبات الحياة وتبادل المنافع والخيرات عن طريق الاستيراد والتصدير فكلما كانت نشطة كلما ظهرت ملامح التنوع والتلاقح التجاري في البلاد وزادت فرص العمل والاستثمار والرخاء. 

وقد لعبت وزارة التجارة العراقية قبل عقود دورا جبارا ورائعا في توفير الأمن الغذائي للعراقيين جميعهم آنذاك بالتحديد في الحصار الجائر على العراق والذي فرض كعقوبة على العراق من قبل مجلس الأمن الدولي بعد دخوله الكويت حتى عانى الشعب العراقي في تلك الفترة ما لم يعانه في الحرب العراقية الإيرانية لثمان سنوات! 

ففرضت عليه عقوبات صارمة كلفته إلى أن يعوض الكويت ويمنع من الاستيراد والتبادل التجاري وغيره إلا في بعض قضايا الدواء والغذاء مقابل النفط؟

ومن عاش تلك الفترة المرة بتفاصيلها لفترة ١٣ سنة تقريبا من سنة ١٩٩٠ إلى ما بعدها يعرف معنى الحصار وجوره وظلمه وكيف أثر على البلاد والعباد لسنوات طويلة . 

إلا أن وزارة التجارة أنقذت الشعب بتوفيرها البطاقة التمونية التي توفر الحصة التمونية من المواد ، حيث اقترح وزير التجارة آنذاك باستحداث الحصة التمونية على العراقيين جميعا لسد الحاجة وتأمين المعيشة وقبلت الحكومة بذلك وعملت بمقترحه بلا نقاش.  

وكان الغذاء يصل للعراقين جميعهم عبر البطاقة التمونية شهريا متضمنة لعدة مواد لكل فرد عراقي دون انقطاع. الثابت منها إحدى عشرة مادة ، والمتراوح منها ما بين تسعة إلى أربع عشرة مادة تقريبا حسب المناسبات مثل مناسبة شهر رمضان حيث يضاف لها بعض المواد الغذائية كزيادة للصائم (والغريب بعد ما دخل الجيش العراقي إلى الكويت يوم 2 آب سنة 1990، أعلنت الحكومة العراقية شمولَ الكويتيين في الكويت بالحصة التموينية ابتداءً من 25 تشرين الأول سنة 1990  حيث أعلنت عن إلغاء البطاقة المدنية الكويتية يوم 10-11-1990). 

واستمرت الحصة التمونية بإعانة الشعب العراقي حتى صارت منقذه الأول إذا لم يك الوحيد آنذاك. وبدأت العوائل ببيع بعض المواد لتستفيد من قيمتها النقدية لشراء أو سد حاجة ماسة الأخرى بسبب البطالة من سكن أو ملابس وغيرها.  

كانت الحصة التمونية فكرة رائعة لحفظ المجتمع من المجاعة وهي وسيلة أخرى لعمل مسح سكاني أو مستمسك أمني يعرف من خلاله عدد السكان أو أماكن تواجد الأسر. 

وقد تضمنت الحصة التمونية عدة مواد تسمح للفرد العراقي أن يعيش بها مثل الشاي والطحين والرز والسكر والصابون والحليب والباقوليات والدهن ومواد أخرى وبكميات لا بأس بها. 

أما اليوم ونحن في سنة ٢٠٢٢ أصبحت الحصة التمونية شبه ثانوية وغير مفيدة للفرد والأسرة وعادة ما تكون غير موجودة أصلا!!!  

لأنها تتأخر كثيرا مع أننا في أيام الحصار كنا نحصل عليها بوقتها كل شهر دون تأخير. 

وتقلصت موادها إلى ٦ مواد وفي بعض الأحيان إلى ٤ مواد أو مادتين ( بحسب الوكيل ودينه وأمانته لأن بعضهم ليس بأمين للأسف الشديد ). 

رغم أننا لسنا في حالة حرب أو حصار؟ كما توجد وفرة في الخزينة المالية باعتبار زيادة تصدير النفط وارتفاع أسعاره في السوق العالمي!!! 

فلو نظرنا إلى ما يبذل من مردود النفط على البطاقة التموينية الحالية لمجموع الشعب كله؟ لا يساوي أحيانا ما يبذره بعض القيادات من نثرية أو بذخ على الأصحاب والأنصار؟

والغريب أن المعارضة السابقة كانت تعيب على الحصة التموينية بأنها رديئة ( ونقر بأن بعضها كان هكذا) رغم ما ذكرته أعلاه!! إذا مالذي فعله بعض أولئك بعد أن وصلوا إلى السلطة أوليس المفروض منهم أن يزيدوا من عدد المواد إلى أكثر مما كانت عليه ويحسنوا من نوعها ويثبتوا حجتهم برفضهم للظلم وسيطرة الحكم آنذاك وليس العكس؟ 

( ملاحظة الحديث عن النظام لا عن الحكام). 

الحلول. 

https://www.m-alfikr.org /رابط الموقع  

١- زيادة مواد الحصة التمونية إلى ١٥ مادة لكل فرد عراقي ومن النوعيات الجيدة إن لم نقل الفاخرة والممتازة لأن الشعب مصدر السلطات كما هو موضح في العراق الجديد! وعليه أن يحترم هذا الشعب بأن يحصل على مواد صحيحة وكافية ومفيدة دون التراخي أو الاستهانة بحالة الفقر الكبيرة في البلاد والتي وصلت إلى ربع سكان العراق ( أعلنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إن 9 ملايين مواطن أي نحو ربع عدد السكان البالغ عددهم 41 مليونا، تحت مستوى خط الفقر في العراق). 


٢- عدم التأخير بتوزيع المواد للمواطنين وضبط الوكلاء والسيطرة على تلاعب بعضهم بالمواد ، حيث تباع بعض المواد أو تستبدل مع بعض التجار بمواد اردء كما يشاع في الإعلام ومن قبل الناس إذا لا بد من محاسبة الوكيل المقصر ولا بد من الرقابة الشديدة للاطمئنان بأن المواد الغذائية وصلت كما هي إلى المواطنين. 


٣- عدم الخوض في فكرة أو دراسة استبدال المواد بمبالغ نقدية( ولو كانت المبالغ كبيرة)  لعدة أسباب :

أ_ زيادة التضخم في الأسواق وتسليم المواطنين من قبل الحكومة  ومقدرات الشعب بيد التجار. 

ب_ عدم السيطرة على الأسعار كما حصل من زيادة سعر لتر الزيت لمجرد صعود الدولار وما زال مرتفعاً. 

ج_ تدمير الدينار العراقي أكثر مما هو عليه باعتبار أن المواد الغذائية أغلبها مستوردة ومن شركات خارجية وكذلك فرق عملة الاستيراد عن عملة المستهلك وقيمة الدينار قبال الدولار ،ستسبب بانهيار الدخل المادي للفرد العراقي أكثر مما هو عليه. بالنتيجة إبقاء البطاقة التمونية وتحسينها أفضل من استبدالها بالمال حتى وإن طلب ذلك بعض الناس لأنهم يجهلون النتائج المترتبة على ذلك ومن شأن الحكومة العمل على مصلحة المواطنين لا أن تترك المصلحة بيد عامة الناس من غير المدركين؟!!


٤- سيطرة وزارة التجارة على المستورد وعلى التحار والأسواق عموما ومحاسبة الذين يرفعون الأسعار الغذائية محاسبة شديدة. مع ما نشهده من تدهور للأوضاع المعيشة لطبقة كبيرة من المجتمع، فارتفاع سعر الزيت وتركه إلى اليوم دون معالجة ليس بالأمر الهين أبدا ، فهناك دول انهارت لمجرد أنها رفعت سعر مادة غذائية على المواطنين ! وما حصل في مصر من خروج المتظاهرين في زمن السادات في سنة ١٩٧٧ لمجرد أن الحكومة رفعت بعض الأسعار على بعض السلع وما حصل في أوربا من إضراب العمال عن العمل لمجرد ارتفاع سعر البيض وغيرها من الشواهد خير دليل على أن الأمر ليس هينا ويمكن تجاهله من قبل السلطة أبدا. 

وقد شهد العراق مظاهرات متعددة من ٢٠٠٣ إلى يومنا هذا بسبب ارتفاع أسعار البضائع وقلة فرص العمل فليس من المنطق أن يبقى التاجر متحكماً بالسوق مع ما لدينا من وسائل ضبط متعددة لو وظفت واستهدمت لما تمرد أحد على الناس، ففي كل دول العالم تحدد الأسعار من قبل الدولة ويحاط التاجر برقابة شديدة وهي التي ترسم له حدود الربح وهذا الجانب فيه شروحات شرعية يمكن مراجعتها من كتاب المكاسب للشيخ الأنصار قدس وغيره من العلماء للوقوف عند هذا الباب بالتفصيل. 


٥- تخفيض أسعار المواد الغذائية في السوق بدعم الحكومة للسوق المركزي وإعادته للحياة بعد أن تم تدميره وعزله عن الخدمة كما نقول. والذي بدوره يوفر الطعام واللباس والمواد المنزلية للمواطنين جميعهم من دون تمييز بين الموظف الذي يحق له القرض أو الأقساط من المواطن الذي لا يملك وظيفة تؤمن له الشراء بالأجل. 

لذلك الأسواق المركزية وسيلة ناجحة لإعادة شعور المواطنين بالتساوي وسببا رئيسي بخلق منافس للسوق السوداء لتخفيض المواد بأجمعها. 


٦- إعادة تأهيل الشركات والمصانع الخاصة بوزارة التجارة وهكذا سوف تسهم بإعادة المنتوج المحلي وكذلك خلق فرص عمل للكثير من العاطلين عن العمل وكذلك ستسهم بتقليل الاستيراد من الخارج إذا ما أصبحت منتجه ومصدره له؟ 

فلا بد من إعادة الاعتماد على الاكتفاء الذاتي والعمل على بث الحياة للأماكن التي دفنت بعد ٢٠٠٣ عمدا أو تقصيرا. فالعراق كان يصدر السكر وألبانه والجلود إلى الخارج وكانت منتوجاته من أجود المنتوجات ، لذلك لا بد من إعادة الحياة إلى هذه المفاصل  وتشجيع المستثمرين ودفعهم لذلك أيضا. 


في النهاية قبل دخول الاحتلال إلى العراق قامت وزارة التجارة بتوزيع مواد الحصة التمونية على المواطنين لستة أشهر مقدما دفعة واحدة،  ولولاها لمات الناس جوعا! فأين حكوماتنا من ٢٠٠٣ إلى يومنا من هذا الملف فالأمن الغذائي يجعل الفرد يعيش بأمان ويقلل من مخاطر الفساد والجرائم والبحث عن لقمة العيش بل ستكون الحكومة بأمن من عدائه لها أو التجاوز على ممتلكاتها. 

لذلك أملنا كبير بأن يعي المسؤولين ذلك وأن لا يفكروا في البيروقراطية والتوافقية ورضا فلان ورفض فلان بقدر ما ينفعهم في سجل الآخرة وسجل التاريخ الذي سيكتب عنهم لأن التاريخ لا يمحى وخير دليل ما ذكرته أعلاه عن الحصار؟ إذا لن ينساكم أن اعنتم هذا الشعب لسد حاجته وفيكم الشجعان والراغبون للعمل على هذا إن شاء الله وكما ورد لولا الخبز لما عبد الله. وإذا بالخبز( الطحين)  ينفجر من كيس بسعر ١٥ ألفاً إلى ٥٠ ألف دينار؟ فهل تقبلون هذا أم لا !! والله من وراء القصد. 

https://t.me/iljnaan رابط قناة التلغرام 

الشيخ مجيد العقابي

رئيس مركز الفكر للحوار والإصلاح

٢٠٢٢/١١/١٩

رصد عقابي ١١. وزارة التجارة.

شاهد ايضا

  • Blogger Comments
  • Facebook Comments

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Top